للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نصرة إمامك، فيتركه بهذه المقالة طعمة للسّيف.

وكان ملكشاه قد أرسل إلى ابن الصّبّاح يدعوه إلى الطّاعة، ويتهدّده إن خالفه، ويأمره بالكفّ عن بثّ أصحابه لقتل العلماء والأمراء، فقال في جواب الرّسالة والرّسول حاضر:

الجواب ما تراه، ثمّ قال لجماعة وقوف بين يديه: أريد أن أنفذكم إلى مولاكم في حاجة، فمن ينهض لها؟ فاشرأبّ كلّ منهم لذلك، فظنّ رسول السّلطان أنّها رسالة يحمّلها إيّاهم، فأومأ إلى شابّ منهم، فقال: اقتل نفسك، فجذب سكّينه، وضرب بها غلصمته، فخرّ ميتا، وقال لآخر: ارم نفسك من القلعة، فألقى نفسه، فتمزّق، ثمّ التفت إلى رسول السّلطان، فقال: أخبره أنّ عندي من هؤلاء عشرين ألفا هذا حدّ طاعتهم لي، وهذا هو الجواب، فعاد الرّسول إلى السّلطان ملكشاه، فأخبره بما رأى، فعجب من ذلك، وترك كلامهم، وصارت بأيديهم قلاع كثيرة، ثمّ قتلوا جماعة من الأمراء والوزراء.

قال المصنف: وقد ذكرنا من صفة القوم في التّاريخ أحوالا عجيبة، فلم نر التّطويل بها هنا.

وكم من زنديق في قلبه حقد على الإسلام، خرج فبالغ، واجتهد فزخرف دعاوى يلقى بها من يصحبه، وكان غور مقصده في الاعتقاد الانسلال من رقّة الدّين، وفي العمل نيل الملذّات، واستباحة المحظورات، فمنهم بابك الخرّميّ، حصل له مقصوده من اللّذّات، ولكن بعد أن قتل النّاس، وبالغ في الأذى، ثمّ بالقرامطة، وصاحب الزنج الّذي خرج فاستغوى المماليك السّودان، وودّعهم الملك، فنهب وفتك، وقتل وبالغ، وكانت عواقبهم في الدّنيا أقبح العواقب، فما وفّى ما نالوا بما نيل منهم، ومنهم من لم يبرح على تغثيره، ففاتته الدّنيا والآخرة مثل ابن الرّاوندي والمعري.

أنبأنا محمّد بن أبي طاهر، عن أبي القاسم عليّ بن المحسّن التّنوخي، عن أبيه، قال:

كان ابن الرّاوندي ملازم الرّافضة، وأهل الإلحاد، فإذا عوتب قال: إنّما أريد أن أعرف

<<  <   >  >>