للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العاص، ونريح العباد منهم. قال ابن ملجم: أنا لكم بعليّ. وقال البرك: أنا لكم بمعاوية.

وقال عمرو: أنا لكم بعمرو، فتواثقوا ألّا ينقض رجل منهم رجلا عن صاحبه، فقدم ابن ملجم الكوفة، فلمّا كانت اللّيلة الّتي عزم على قتل عليّ فيها، خرج عليّ لصلاة الصّبح، فضربه فأصاب جبهته إلى قرنه، ووصل إلى دماغه، فقال عليّ : لا يفوتنكم الرّجل، فأخذ، فقالت أمّ كلثوم: يا عدوّ الله، قتلت أمير المؤمنين، فقال: ما قتلت إلّا أباك.

قالت: والله، إنّي لأرجو ألّا يكون على أمير المؤمنين بأس. قال: فلم تبكين إذن؟ ثمّ قال:

والله، لقد سمّمته شهرا (يعني: سيفه)، فإن أخلفني، فأبعده الله وأسحقه.

فلمّا مات عليّ أخرج ابن ملجم ليقتل، فقطع عبد الله بن جعفر يديه ورجليه، فلم يجزع، ولم يتكلّم. فكحل عينيه بمسمار محميّ، فلم يجزع، وجعل يقرأ: ﴿اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ﴾ (٢) [العلق: ٢، ١]، حتّى ختمها وإنّ عينيه لتسيلان، فعولج على قطع لسانه فجزع، فقيل له: لم تجزع؟ فقال: أكره أن أكون في الدّنيا مواتا لا أذكر الله، وكان رجلا أسمر في جبهته أثر السّجود، لعنة الله عليه.

قال المصنّف: قلت: ولمّا أراد الحسن أن يصالح معاوية، خرج عليه من الخوارج: الجرّاح بن سنان، وقال: أشركت كما أشرك أبوك، ثمّ طعنه في أصل فخذه. وما زالت الخوارج تخرج على الأمراء، ولهم مذاهب مختلفة، وكان أصحاب نافع بن الأزرق يقولون: نحن مشركون ما دمنا في دار الشّرك، فإذا خرجنا، فنحن مسلمون. قالوا:

ومخالفونا في المذهب مشركون، ومرتكبو الكبائر مشركون، والقاعدون عن موافقتنا في القتال كفرة، وأباح هؤلاء قتل النّساء والصّبيان من المسلمين، وحكموا عليهم بالشّرك.

وكان نجدة بن عامر الحنفيّ من القوم، فخالف نافع بن الأزرق، وقال بتحريم دماء المسلمين وأموالهم، وزعم أنّ أصحاب الذّنوب من موافقيه يعذّبون في غير نار جهنّم، وأنّ جهنّم لا يعذّب بها إلّا مخالفوه في مذهبه.

<<  <   >  >>