أخبرنا أبو منصور القزّاز، نا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، نا ولاد بن عليّ الكوفيّ، نا محمّد بن علي بن دحيم الشّيبانيّ، ثنا أحمد بن حازم، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن (يعني: ابن أبي ليلى)، ثنا سعيد بن خثيم، عن القعقاع بن عمارة، عن أبي الخليل، عن أبي السّابغة، عن جندب الأزديّ. قال: لمّا عدلنا إلى الخوارج، ونحن مع علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه، قال: فانتهينا إلى معسكرهم، فإذا لهم دويّ كدويّ النّحل من قراءة القرآن.
قال المصنّف: وفي رواية أخرى أنّ عليّا ﵁ لمّا حكّم، أتاه من الخوارج زرعة بن البرج الطّائيّ، وحرقوص بن زهير السّعدي، فدخلا عليه، فقالا له: لا حكم إلّا لله. فقال عليّ: لا حكم إلّا لله، فقال له حرقوص: تب من خطيئتك، وارجع عن قضيّتنا، واخرج بنا إلى عدوّنا نقاتلهم حتّى نلقى ربّنا، ولئن لم تدع تحكيم الرّجال في كتاب الله ﷿ لأقاتلنّك، أطلب بذلك وجه الله، واجتمعت الخوارج في منزل عبد الله بن وهب الرّاسبيّ، فحمد الله، وأثنى عليه، ثمّ قال: ما ينبغي لقوم يؤمنون بالرّحمن، وينسبون إلى حكم القرآن، أن تكون هذه الدّنيا الّتي إيثارها عناء آثر عنده من الأمر بالمعروف، والنّهي عن المنكر، والقول بالحقّ، فاخرجوا بنا.
فكتب إليهم عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه: أمّا بعد، فإنّ هذين الرّجلين اللّذين ارتضيا حكمين، قد خالفا كتاب الله، واتّبعا أهواءهما، ونحن على الأمر الأوّل، فكتبوا إليه:
إنّك لم تغضب لربّك، إنّما غضبت لنفسك، فإن شهدت على نفسك بالكفر، واستقبلت التّوبة، نظرنا فيما بيننا وبينك، وإلّا فقد نابذناك على سواء، والسّلام.
ولقي الخوارج في طريقهم عبد الله بن خبّاب، فقالوا: هل سمعت من أبيك حديثا يحدّثه عن رسول الله ﷺ تحدّثناه؟ قال: نعم. سمعت أبي يحدّث عن رسول الله ﷺ: «أنّه ذكر فتنة، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من