قلت: ما أعجب إلّا من حدّه سبعة أشبار، حتّى علمت أنّه جعله كالأدميّين، والآدميّ طوله سبعة أشبار بشبر نفسه.
وذكر أبو محمّد النّوبختي، عن الجاحظ، عن النّظّام، أنّ هشام بن الحكم قال في التشبيه في سنة واحدة خمسة أقاويل، قطع في آخرها أنّ معبوده بشبر نفسه سبعة أشبار؛ وإنّ قوما قالوا: إنّه على هيئة السّبيكة، وإنّ قوما قالوا: هو على هيئة البلّورة الصّافية المستوية الاستدارة الّتي من حيث أتيتها رأيتها على هيئة واحدة.
وقال هشام: هو متناهي الذّات حتّى قال: إنّ الجبل أكبر منه. قال: وله ماهية يعلمها هو.
قال المصنف: وهذا يلزمه أن يكون له كيفيّة أيضا، وذلك ينقض القول بالتّوحيد، وقد استقرّ أنّ الماهيّة لا تكون إلّا لمن كان ذا جنس، وله نظائر، فيحتاج أن يفرد منها ويبان عنها، والحقّ سبحانه ليس بذي جنس، ولا مثل له، ولا يجوز أن يوصف بأنّ ذاته متناهية، لا على معنى أنّه ذاهب في الجهات بلا نهاية، إنّما المراد أنّه ليس بجسم، ولا جوهر، فتلزمه النّهاية (١).
وقال النّوبختي: وقد حكى كثير من المتكلّمين أنّ مقاتل بن سليمان، ونعيم بن حمّاد، وداود الحواري يقولون: إنّ الله صورة وأعضاء.
قال المصنف: أترى هؤلاء؛ كيف يثبتون له القدم دون الآدميّين، ولم لا يجوز عليه عندهم، ما يجوز على الآدميّين من مرض أو تلف؟
(١) قول المؤلف: «والحق سبحانه ليس بذي جسم»، ليس من ألفاظ السلف، بل يقال: «والحق سبحانه ليس كمثله شيء»، وتقدم التنبيه على لفظ الجسم والجوهر، وأنهما ليسا من ألفاظ السلف نفيا ولا إثباتا، وكذلك الحيز والجهة. [زيد المدخلي].