قال المصنف ﵀: وفسّره السراج فقال: كأنّه لمّا نظر إلى ما سبق لهم من الشّقاوة من غير فعل، كان موجودا في الأزل، وإنّ الله ﷿ جعل نصيبهم السخط، فذلك عذر.
قال المصنف: وتفسير السراج قبيح؛ لأنّه يوجب ألا يعاقب فرعون ولا غيره.
ومن كلامهم في الحديث وغيره: أخبرنا أبو منصور القزاز، نا أبو بكر الخطيب، نا الأزهري، نا أحمد بن إبراهيم بن الحسن، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: جاء أبو تراب النّخشبيّ إلى أبي، فجعل أبي يقول: فلان ضعيف، وفلان ثقة، فقال أبو تراب: يا شيخ، لا تغتب العلماء. فالتفت أبي إليه، وقال له: ويحك، هذه نصيحة، ليست هذه غيبة.
أنبأنا يحيى بن علي المدبر، ثنا أحمد بن علي بن ثابت، نا رضوان بن محمّد بن الحسن الدينوري قال: سمعت أحمد بن محمّد بن عبد الله النيسابوريّ يقول: سمعت أبا الحسن علي بن محمّد البخاري يقول: سمعت محمّد بن الفضل العبّاسيّ يقول: كنّا عند عبد الرحمن بن أبي حاتم وهو يقرأ علينا «كتاب الجرح والتعديل» فقال: أظهر أحوال أهل العلم، من كان منهم ثقة أو غير ثقة. فقال له يوسف بن الحسين: استحييت إليك يا أبا محمّد، كم من هؤلاء القوم قد حطّوا رواحلهم في الجنّة، منذ مائة سنة أو مائتي سنة، وأنت تذكرهم، وتغتابهم على أديم الأرض.
فبكى عبد الرحمن، وقال: يا أبا يعقوب، لو سمعت هذه الكلمة قبل تصنيفي هذا الكتاب، لم أصنّفه.
قلت: عفا الله عن ابن أبي حاتم؛ فإنّه لو كان فقيها، لردّ عليه كما ردّ الإمام أحمد على أبي تراب، ولولا الجرح والتّعديل، من أين كان يعرف الصّحيح من الباطل؟!
ثمّ كون القوم في الجنّة، لا يمنع أن نذكرهم بما فيهم، وتسمية ذلك غيبة حديث سوء، ثمّ من لا يدري الجرح والتّعديل، كيف هو يزكّي كلامه؟