للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخبرنا محمّد بن ناصر، نا أبو الفضل السهلكيّ، قال: سمعت محمّد بن إبراهيم، يقول: سمعت خالي يقول: قال الحسن بن علويه: خرج أبو يزيد لزيارة أخ له، فلمّا وصل إلى نهر جيحون التقى له حافّتا النّهر. فقال: سيّدي! إيش هذا المكر الخفيّ، وعزّتك ما عبدتك لهذا. ثمّ رجع ولم يعبر.

قال السهلكي: وسمعت محمّد بن أحمد المذكّر، يذكر أنّ أبا يزيد قال: من عرف الله ﷿ صار للجنّة بوّابا، وصارت الجنّة عليه وبالا.

قلت: وهذه جراءة عظيمة في إضافة المكر إلى الله ﷿ وجعل الجنّة الّتي هي نهاية المطالب وبالا، وإذا كانت وبالا للعارفين فكيف تكون لغيرهم؟! وكلّ هذا منبعه من قلّة العلم وسوء الفهم.

أخبرنا ابن حبيب، نا ابن أبي صادق، نا ابن باكويه، ثنا أبو الفرج الورثاني، ثنا أحمد بن الحسن بن محمّد، ثني محمّد بن جعفر الوراق، ثنا أحمد بن العباس المهلبي قال: سمعت طيفورا، وهو أبو يزيد، يقول: العارفون في زيارة الله تعالى في الآخرة على طبقتين: طبقة تزوره متى شاءت وأنّى شاءت، وطبقة تزوره مرّة واحدة، ثمّ لا تزوره بعدها أبدا.

فقيل له: كيف ذلك؟ قال: إذا رآه العارفون أوّل مرّة، جعل لهم سوقا، ما فيه شراء ولا بيع، إلّا الصّور من الرّجال والنّساء، فمن دخل منهم السّوق، لم يرجع إلى زيارة الله أبدا.

قال: وقال أبو يزيد: في الدّنيا يخدعك بالسّوق، وفي الآخرة يخدعك بالسّوق، فأنت أبدا عبد السّوق.

قال المصنف : تسمية ثواب الجنّة خديعة وسببا للانقطاع عن الله ﷿ قبيح، وإنّما يجعل لهم السّوق ثوابا لا خديعة، فإذا أذن لهم في أخذ ما في السّوق، ثمّ عوقبوا بمنع الزّيارة، فقد صارت المثوبة عقوبة.

<<  <   >  >>