للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ذكر أبو حامد الطوسيّ في كتاب «ذمّ المال» في قوله ﷿: ﴿وَاُجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ﴾ (٣٥) [إبراهيم: ٣٥].

قال: إنّما عنى الذهب والفضة؛ إذ رتبة النّبوّة أجلّ من أن يخشى عليها أن تعبد الآلهة والأصنام، وإنّما عنى بعبادته حبّه والاغترار به.

قال المصنف : وهذا شيء لم يقله أحد من المفسّرين، وقد قال شعيب: ﴿وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّنا﴾ [الأعراف: ٨٩]، ومعلوم أنّ ميل الأنبياء إلى الشّرك، أمر ممتنع؛ لأجل العصمة، لا أنّه مستحيل، ثمّ قد ذكر مع نفسه من يتصوّر في حقّه الإشراك والكفر، فجاز أن يدخل نفسه معهم، فقال: ﴿وَاُجْنُبْنِي وَبَنِيَّ﴾ ومعلوم أنّ العرب أولاده، وقد عبد أكثرهم الأصنام.

أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق، نا المبارك بن عبد الجبّار، نا الحسين بن علي الطناجيري، نا أبو حفص بن شاهين قال: وقد تكلّمت طائفة من الصوفية في نفس القرآن بما لا يجوز، فقالت في قوله: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاِخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ﴾ (١٩٠) [آل عمران: ١٩٠]، فقال: هم لآيات لي، فأضافوا إلى الله تعالى ما جعله لأولي الألباب، وهذا تبديل للقرآن، وقالوا: ﴿وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ﴾ [سبأ: ١٢]، قالوا: ولي سليمان!!

وأخبرنا ابن ناصر، نا أحمد بن علي بن خلف، ثنا أبو عبد الرحمن السلمي، قال: قال أبو حمزة الخراساني: قد يقطع بأقوام في الجنّة فيقال: ﴿كُلُوا وَاِشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيّامِ الْخالِيَةِ﴾ (٢٤) [الحاقة: ٢٤]، فشغلهم عنه بالأكل والشّرب، ولا مكر فوق هذا، ولا حسرة أعظم منه.

قال المصنف : انظروا - وفّقكم الله - إلى هذه الحماقة، وتسمية المنعم به مكرا، وإضافة المكر بهذا إلى الله .

<<  <   >  >>