للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالإذن لهم بالسفر أي وقت أرادوا، فكان سفرهم من سعده ودرايته.

فالله تعالى يسلمه جماعته.

ووصل في أوراق ولد الشريف: إخبار أبيه بوصولهم للقاهرة سالمين معزوزين مكرومين (١) من نائبها وأركان دولتها وأنّ الباشا سليمان الذي توجّهوا رفقته وصل إليه كيخيته بأخبار تسرّه واختلفت الأقوال فيها منها أنه أنعم عليه بالوزارة الثانية بعد أن كان ثالثًا، وأنّ قصده يجهّز ما وصل معه من التحف الهندية واليمنية، ويطول إقامته في القاهرة. وطلب من السيد أحمد إرسال هديته وعروضه إلى الأبواب الخنكارية، وهو يقيم بالقاهرة المعزية. فتوقف في ذلك وطلب من أبيه الإذن في السفر إلى الروم أو الإقامة. هذا ما وصل لي خبره، والله أعلم بحقيقته.

وكان اتفق في ليلة الأربعاء سلخ شهر صفر موت الولد الشاب الفاضل إبراهيم ابن صاحبنا العلامة الصوفي المدرس جمال الدين محمد الشهير بالحطاب المالكي بعد وجعه نحو شهرين بالحمى، فجهّزه والده في فجر تاريخه وصلّي عليه بعد صلاة الصبح عند باب الكعبة وشيّعه جماعة من الفقهاء وغيرهم، ودفن بالمعلاة في تربة جده لأمه الشيخ محمد بن عَزَم (٢) تحت الحجون قرب الشيخ سفيان بن عيينة، وحزن والده عليه، فالله تعالى يجبره ويضاعف أجره ويبارك له في الباقي من أولاده ويعوض الميّت الجنة. وقال لي والده: إن عمره تسع عشرة سنة وحفظ القرآن وكتبًا في الفقه والنحو مع اشتغاله عليه ويقظته وسكونه، رحمه الله تعالى وإيانا.

وفي ظهر يوم وفاته حصل غيث مدرار بمكة وأعمالها، وتباشر سكانها بوجود الخير فيها وأدى إلى نزول عدة صواعق خارجها. يقال أن منها صاعقة نزلت في فريق صاحب مكة الشريف أبي نمي الحسني من جهة اليمن بل وقعت على بغل له


(١) كذا بالأصل.
(٢) محمد بن عزم التونسي المكي، مؤرخ له مؤلفات، أنظر ترجمته ومصادرها في كتابنا التاريخ والمؤرخون بمكة … ص ١٦٣ - ١٦٥.