شهر جماد الثاني جعله الله شهرًا مباركًا استهل كاملًا في ليلة السبت من سنة ٩٢٦ هـ (١٥٢٠ م)
فيها وصل إلى مكة الخواجا الأجل المحترم شرف الدين ابن شيخ الدهشة الحلبي بحرا من القاهرة فهرع الأعيان للسلام عليه وأخبر أنّ ملك الأمراء نائب الديار المصرية أرسل معه عدة مراسيم الجماعة منها مرسوم لشيخ الشيوخ العارف بالله تعالى ناصر الدين محمد بن عراق الدمشقي - نفع الله به - للشكر منه في شغل عين مكة وإسناد الأمر إليه في تنوير المسجد الحرام وبَطْحِهِ وزيادة عمارة عين مكة وأنه أرسل مالًا مع حامل المرسوم لذلك، ولعمارة تربة السيد حمزة بن عبد المطلب ﵁ عم النبي ﷺ بالمدينة الشريفة والعين التي عنده، وفوّض أمر ذلك إلى الشيخ أيضًا. فواجه الخواجا الشيخ وأعطاه المرسوم فقال له: أنا متوجّه لزيارة الحبر عبد الله بن عباس ﵄ بالطائف وإذا أردتم العمل في المسجد يكون وكيلي الشيخ العلامة شهاب الدين أحمد بن يوسف الزبيدي الشافعي، فقال له الخواجا: أنا متوجّه إلى جدة وأعود إلى مكة إذا قدِمتم عليها.
فسافر الشيخ في عصر تاريخه وسافر الخواجا إلى جدة في ليلة الأحد ثاني تاريخه، وأشيع أنّ له التحدّث على القبّانين والعتّالين بجدة لأجل الاطلاع على ما يُباع بها من البهار وغيره لكونه تاجر السلطان ونائب ملك الأمراء بالديار المصرية. ولم يصح ما أشيع من ولايته لنظر جدة وحسبتها وغير ذلك من الولاية للقاضي صلاح الدين بن ظهيرة لقضاء الشافعية بمكة لكنه ذكر أن ملك الأمراء أوقف أمره حتى يصل إليه الشريف ثقبة ابن السيد بركات صاحب الحجاز ويفاوضه في أمره. فالله تعالى يقدّر له وللمسلمين خيرا ويدفع عنهم [كلّ](١) شرّ وضيْر، بمحمد وآله آمين.