استهل بليلة الإثنين من غير رؤية للهلال إلّا لأفراد من الناس جاؤوا من طريق العمرة أخبروا برؤيته، وثبت ذلك عند قاضي القضاة الشافعي في صبح تاريخه، وأوقدتْ شموع المطاف الكبار مع شَعْل (١) المقامات في ليلة الثلاثاء ثانيه إيهاما لغالب الناس أنها أول الشهر والسنة، فعُدّ ذلك من الحوادث المظلمة، فالله تعالى يعطي الناس خيرها ويرخّص أسعارها ويؤمن المسلمين في جميع أوطانهم، ويبلغهم نصرة سلطانهم.
وكانت الأسعار بمكة غالية في جميع الأقوات فقيمة الحب المصرية كل ربع بدينار وزيادة نصف محلق والرطل السمن بأشرفي والرطل اللحم بمحلق كبير، وكلها عزيزة الوجود مع غالب المأكولات ما عدا الماء الحلو فكثير مع رخصه لتوالي الأمطار في القرى والقفار.
واتفق فيها من الحوادث المظلمة، التي هي للقلوب مؤلمة، توهين خطبة المسلمين، ببلد الله الأمين، وذلك أن بعض المحدثين يقال له محيي الدين العراقي وعُرف في بدايته بالحمصاني [٩١ ب] سافر إلى بلد الروم سنة تسع وعشرين وتسعمائة وسعى في ثُلُثَيْ الخطابة موهما شغورها عن سيدي الخطيب محب الدين النويري لموته وذلك من مدة ثمانية أعوام، وكان تلقّاها عنه قريبه الخطيب وجيه الدين عبد الرحمن النويري وباشرها مع باقيها بولايته عن السلطان لذلك سليم خان ابن عثمان عند قدومه لبلاد الشام. فحين وصول العراقي لمكة في موسم سنة تسع وعشرين منعه صاحب مكّة السيد الشريف زين الدنيا والدين أبو زهير بركات بن