من رأى الهلال فليتقدم، فتقدم له جماعة نحو سبعة أنفس من المصريين واليمنة، فاتفق بعضهم في رؤيته واختلف البعض فطلب القاضي الشيخ إسماعيل الزمزمي المؤقت وسأله عن محله وإمكان رؤيته فقال: رؤيته عسِرة لحديد النظر، فقبل القاضي شهادة الجماعة وأثبت رؤيته في ليلة الخميس. فالله تعالى يحقق ذلك فإن صحة وقفة الجمعة مبنية على رؤيته. والعامة يلهجون بذلك من أول السنة لكون السنة التي قبلها بالإثنين ويذكرون حديثًا: من بشّرني بحجة الإثنين بشرتُه بحجة الجمعة. وهو باطل لا أصل له، فالله تعالى يصلح أحوال المسلمين، ويرد العاقبة إلى خير.
شهر ذي الحجة الحرام استهل ناقصًا بالخميس من سنة ٩٣٨ هـ (١٥٣٢ م)
في ليلة تاريخه وصل جماعة من المغاربة فارقوا الحاج من خليص.
وفي ضحى تاريخه وصل لمكة جماعة من الحاج منهم السيد علاء الدين ملك التجار والأمير علي أمين الغلطة وتوجّه الأعيان للسلام عليهما ومع ثانيهما محفة فيها عياله، ويقال إن الخنكار عيّنه مقدمًا على العمارة المجهّزة من السويس للفرنج في جهة الهند، وأنه استأذنه في الحج ثم يعود لها ووصل إلى باب المعلاة أمين إسطنبول جعفر جلبي صهر الدفتردار الأعظم إسكندر جلبي. ونزل في سبيل الخنكار هناك حتى يتوجّه إليه الأعيان، وعيّن لطوافه قاضي الحنفية المفصول أبو (١) السرور ابن الضياء. فتوجّه له قاضي القضاة الشافعي والسيد عرار بن عجل وغيرهم من الأعيان وقدم له تقدمة طعام القاضي الشافعي ونزل من عنده واستمرّ إلى قرب المغرب ثم نزل وطاف وتوجّه لمنزله في القصر علو باب إبراهيم وهو يعيب على صاحب مكة لعدم ملاقاته له وتقدمة طعام له قبل قدومه، فتوجّه له بعد ذلك وسلّم عليه.