للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باحتكار الدولة وخَدَمهم لها، فضجّ العامة بالإنكار والدعاء عليهم. فسمع الحاكم القائد مبارك بن بدر فتوجّه بنفسه إلى السوق في عصر يوم الأربعاء ثاني الشهر وأمر الباعة بعدم الاحتكار وإظهار الأقوات في السوق ومَن لم يفعلْ لا يسأل ما يجري عليه، فأظهر السوقة البضائع، ولم تنزل عن سعرها، فالله يقدّر خيرا ويُرخّص أسعار المسلمين.

وفي هذا الشهر والاثنين قبله، رجب وشعبان، عمل الخواجا عبد القادر القاري الدمشقي صدقة شوربة أرز بلحم في مطبخ رباط الخواجا شمس الدين بن الزمن، فإنه استأجر أرضا من رقعةٍ بوادي سولة (١) من أعمال نخلة لفقراء الرباط. عمل طعاما (٢) لهم في كلّ سنة. بل سمعتُ أنّه أعطاهم غالبهُ وبقي اليسير منه، فعمل لهم الشوربة المذكورة فجعل في قدريْن كبيرين فيهما كبشين وقريب مُدّيْن أرز وعشرين قربة ماء حلو فيفرّق على فقراء الرباط المذكور ورباطيْ ربيع والموفّق، وغالب فقراء مكة، فارتفقوا بها في هذا الغلاء. جزاه الله خيرا وعوّضه الربح في ماله والنمو في عياله، وقضى عنه ديونه، وكبت عدوه وشونه.

[شهر شوال المبارك استهل كاملا في ليلة الخميس من سنة ٩٢٤ هـ (١٥١٨ م)]

وبعض أهل الوادي العيد يوم الأربعاء من غير رؤية. وصلّى أهل مكة العيد صباح رؤيتهم.

وفي يوم السبت ثالث الشهر انحلت أسعار الحَبّ قليلا، بيعت الربعية المصرية


(١) سولة: عين وقلعة على رابية بوادي نخلة اليمانية عند الزيمة في الطريق بين مكة والطائف البلادي: معجم معالم الحجاز ٤: ٢٥٣ - ٢٥٤؛ الحربي: المناسك ص ٣٥٥.
(٢) بالأصل: طعام.