للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبي محمد أمّيّ، وجاء بشهود عليه بذلك. فأغلظ له القاضي في القول وقال: ذكرك لهذا غير لائق، وأمر بوضعه في السجن ثلاثة أيام، ثم في اليوم الرابع وهو يوم الأربعاء خامس عشريْ الشهر أحْضره القاضي إلى مجلسه بحضرة جماعة من علماء المالكية وأمر بكشف رأسه وضربه خمسين سوطا وتجريسه وعودِه إلى السجن. وحصل للقاضي عبرة في المجلس وكذا جميع من حضره. ولما خرج به من المجلس جاء الوزير كمال الدين أبو الفضل بن أبي علي ليشفع فيه فرده القاضي وقال: هذا وقع في حق الرسول ولا يمكن التكلم في أمره حتى استوفي عليه الوجه الشرعي. وأمر بوضعه في السجن نصف شهر. ثم بعد تمامه طلبه إلى مجلسه فاستتابه وأفرج عنه. وعُدّ ذلك من محاسنه لنُصرته للرسول وإحياء شرعه المنقول. كثّر الله من أمثاله، وزاده من خيره وأفضاله.

وفي ليلة الجمعة سابع عشريْ الشهر عمل بالمسجد الحرام أمام الرواق الشرقي عقد حافل للشاب الأصيل المحيوي عبد القادر ابن الشيخ نور الدين علي بن محمد الشيبي العبداري على لطيفة ابنة المرحوم قاضي الحنابلة المحيوي عبد القادر ابن الشيخ نجم الدين محمد بن ظهيرة القرشي حضره القضاة الأربعة والأعيان وغيرهم، واعتنى به الناظر قريب الزوجين ببذل شمع الحرم وغيره. وكان بهجا مع كثرة السكر والطيب وهنّأهم الناس في صباحها، وأخّروا الدخول إلى شهر ربيع الأول.

شهر صفر الخير استهلّ كاملا بالثلاثاء من سنة ٩٣٦ هـ (١٥٢٩ م)

وفي نصف أول ليلة منه وُلد وَلَدي المبارك السعيد - إن شاء الله تعالى - تقي الدين أبو الحسن علي، أنشأه الله تعالى وجعله ولد الحياة وأقرّ عيني به ببركة من وُلد في أول شهر تاريخه وتسمى باسمه الشيخ تقي الدين علي السبكي جعله [الله] (١) مثله


(١) كلمة تقتضيها الجملة.