للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جدة والقاضي زين الدين الناظر بجدة، ودخلوا مكة من ثنية كداء -بالمد- (١) من باب المعلاة، وأوصلوا أمير الحاج الى منزله مدرسة الأشرف قايتباي. ثم توجّه الشريف إلى منزله بأجياد ومعه جميع العسكر، ونائب جدة خلفه لما وقع بينهما.

وفي صبح يوم تاريخه تقدّم إمام الحنفية في الصلاة وسط حِجْر سيّدنا إسماعيل عليه وعلى سائر الأنبياء الصلاة والسلام، وذلك أنّ بعض الأروام لما رأى إمام الشافعية تقدّم إلى عند باب الكعبة الشريفة بجانب المعجنة التي يُقال إنها علامة لمصلّى جبريل بالنبيّ محمد في وقت الصلوات الخمس على العادة في أيام الموسم أخذ بساط إمامهم وشمع محرابهم وتقدّم به إلى الحِجْر وتبعَهُ إمامهم فصلّى بِهم في وسطه وطلع مُكبّرهم على جدار الحجر. فتشوّش الأخيار من ذلك لكونهم أحدثوا بدعة يحصل بها ضررٌ على الطائفين والمصليّن، وأنكر عليهم بعض الأخيار فلمْ يُفِدْه ذلك لكثرة البدع وقلّة المنكرين لها، فلا حول ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم.

وفي مغرب ليلة السبت سلْخ الشهر طلع على جبل أبي قبيس لرؤية الهلال قاضي القضاة الشافعي راكبًا لتوَعّكه، وطلع معه شهود باب السلام وجماعته وبعض الفقهاء لعدم معْرفَتهم بطلوعِه، فأقام به ساعة بعد صلاة المغرب، ونزل منه إلى المسجد الحرام وصلّى هناك ركعتين وأمر بالنداء لمن رأى الهلال فليتقدّم، فلم يرَه أحد.

[شهر ذي الحجة الحرام من سنة ٩٢٤ هـ (١٥١٨ م)]

استهلّ كاملا بالأحد. في صباحها اجتمع السيد الشريف بركات سلطان مكة المشرّفة وابن سلاطينها وولده الشريف أبو نميّ أمير مكة المشرفة وقاضي القضاة


(١) كُداء: ثنية بمكة بين الحجون وقعيقعان. وكَداء -بفتح الكاف- وكُدّى، وكُدَىّ وجميعها بمكة. عرّفها وبيّن مواقعها البلادي في معجم معالم الحج ٧: ١٩٦ - ٢٠٣.