وفي ليلة الأحد رابع عشر الشهر دخل القاضي محب الدين بن ظهيرة على زوجته في منزل عمه قاضي القضاة الشافعي المعروف بِبَيْت المال، فهنأه الناس فيه وقدم لهم معمولًا حسنًا، فالله تعالى يخلفه عليهم ويجعله مباركًا بمحمد وآله آمين.
وفي صباحها وصل إلى مكة الشريف عبد الله بن حسين الفراش المكي من جدة، وكان وصل بحرًا من الروم صحبة الأمين ووصلت معه جملة أوراق وأخبار، منها أن السلطان سليم شاه ابن عثمان منع أبناء العرب من دخول الروم، ومن دخلها مُنِع من الخروج منها، وأنه خرج فارًا مستخدمًا مع الأمين، وكان أهل المدينة جعلوه وكيلًا على الصدقة الرومية ولم يحصل على طائل.
وجاءتني معه ورقة من أمير المؤمنين المتوكل على الله أبي عبد الله محمد العباسي وهو مقيم في إسطنبول مضمونها السلام وسؤال الدعاء والوصية برباط جَدهِ العباس بمكة وإخباره أنه وعد بالتوجه إلى مكة إذا قدم السلطان إلى إسطنبول ويستقر بها إلى الممات. الله تعالى يحقق له ذلك ويرزقه الثبات.
وفي الأوراق الواصلة صحبته: الإخبار بموت كاتب الأسرار الشريفة كان المقر المحبي ابن الأجا الحلبي بها وبَلَدِيّه شيخ الإسلام حسام الدين حسن بن علي السيوفي الشافعي. وغلو القاهرة في جميع الأقوات بحيث بيع الإردب الحب بثلاثة أشرفية ونصف، وعُدم الخبز والدقيق في الأسواق وذلك لتوقّف بحر النيل. ثم مَنْ الله تعالى بجريانه في شهر شعبان وزاد زيادة عظيمة لم يُسمع بمثلها، ويشاع أنها عشرة أصابع من إحدى وعشرين ذراعًا، فإن صح ذلك حصل به خير كبير (١) ورخصتْ الأسعار بعد الزيادة وبيع الإردب بأربعين محلقًا ثم بثلاثين.