للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جدة (١) فارتجّتْ مصر لذلك، فأنتم تجهّزون المراكب وتحتفظون بها وترسلون تعرّفوننا (٢) بحقيقة ذلك. وقد وكّلنا جميع الأمور إليكم، ومقامكم عندنا عظيم، ولا تأخذوا علينا بمكاتبتنا لكم بالأخ، فإنّ المقام الشريف الخندكاري رسَمَ لنا بتفويض الأمور من العريش إلى آخر الأقطار الحجازية. ورسمنا لكم بخلعة وكذلك لنجلكم السعيد الشريف أبي نُميّ.

ولُقِب الشريف بركات بألقاب كثيرة - كالعادة - وولده بالمجلس السامي ومرسومه أخصر من الأول. وبعد الفراغ من قراءة المرسوميْن لبس الشريف أبو نمي خلْعة قفطان مدنّر ملون، مدنّر (٣) أصفر وأحمر وأبيض، ودُعِيَ بعد ذلك له ولأبيه ولناظر المسجد الحرام قاضي القضاة الشافعي. ثم بعد الفراغ طاف أسبوعا ودعا له الرئيس فخر الدين فوق ظلّة زمزم - كعادة أسلافه - ثم صلّى ركعتين خلف المقام، وتوجّه إلى منزله راكبا ومعه أتباعه وخلق من العامّة، ووصّله القاضي إلى باب المسجد الحرام ثم لحقوه إلى منزله وهنّؤوه بالخلعة وتتابع الفقهاء وغيرهم. ثم ألبَس الشريف خلْعة للوزير بجدة الجمالي محمد بن راجح الحفيصي وركب فرسه وتوجّه إلى منزله بالشبيكة وقُدّامه الطبل والزمر، وسُرّ الخلق في يومه هذا.

ووصلت فيه أوراق من جدة أرسلها الخواجا بيري الرومي، أمين الدولة المظفرية العثمانية، فيها أنّ الخنكار مقيم في أنطاكية وأرسل عسكرا إلى جهة الشرق لقتال الصوفي الخارجي، عدّتهم ثمانون ألفًا غير ألفي إنقشاري مقدّمهم الوزير الأعظم بيري باشا، وكان في الروم، فطلبه السلطان منها لذلك، والله تعالى ينصرهم


(١) في هذا إشارة إلى الحملة الصليبية البرتغالية على جدة التي قادها LOPO SOARES وجمع فيها ستين مركبا حربيا تحمل ألفي محارب. ووصل إلى جدة فحاصرها ولكنه لم ينجح في الاستيلاء على المدينة. وقد روى تفاصيل هذه الحملة أحد المرافقين لها واسمه CORSALI الذي كتب يومياته ونقلها المؤرخ الفرنسي KAMMERER في كتابه البحر الأحمر LA MER ROUGE ج ٢ ص ٣٦٣ وما بعدها.
(٢) بالأصل: وترسلوا تعرفونا.
(٣) وردت الكلمة مرتين غير معجمة؛ ويمكن أن تقرأ " مدير".