للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونادى أن لا يناح عليهما (١).

وأعظم من هذه القضية في المواقف الموافقة فعل الخليفة الرشيد مع وزرائه البرامكة، وذلك أن الإمام أبا مروان عبد الملك بن بدرون (٢) الحضرمي قال في شرح قصيدة طوق الحمامة للأديب عبد الحميد بن عبدون (٣) التي رثى بها بني الأفطس وأولها:

الدهر يفجع بعد العين بالأمر … فما البكاء على الأشباح والصور

عند قوله:

وأشرقت جعفرًا والفضل يرمقه … والشيخ يحيى بريق (٤) الصارم الذكر

وملخص كلامه: قتل هارون الرشيد جعفر البرمكي سنة تسع وثمانين ومائة [١٨٩ هـ / ٨٠٥ م] وكان جعفر قد بلغ من الرشيد ما لم يبلغ وزير خليفة، حتى كان يدخل معه في حلة واحدة ويحكم فيما شاء من أمر ماله وولده (٥). وكان الرشيد يحبه حبًا شديدًا حتى كان لا يفارقه. وكانت العباسة أخته عنده من أحبّ


(١) النجم بن فهد إتحاف الورى ٤: ٤٩١.
(٢) ابن بدرون: هو عبد الملك بن عبد الله بن بدرون الحضرمي السبتي، فقيه أديب له كتاب كمامة الزهر شرح به قصيدة ابن عبدون التي تذكر في الهامش الموالي. كان ابن بدرون حيًا سنة ٦٠٨ هـ / ١٢١١ م. انظر مصادر ترجمته في معجم المؤلفين لكحالة ٦: ١٨٤.
(٣) ابن عبدون: هو عبد المجيد بن عبد الله بن عبدون الفهري الأندلسي، أديب شاعر مؤرخ وكاتب إنشاء. توفي سنة ٥٢٧ هـ / ١٢٣٣ م. ألّف قصيدة رائية في رثاء بني الأفطس (من ملوك الأندلس) ذكر فيها تقلبات الزمان على أصحاب الملك. شرحها ابن المذكور أعلاه في كتابه كمامة الزهر وفريدة الدهر. ذكر حاجي خليفة القصيدة وشرحها في كشف الظنون ص ١٣٢٩. وقد طبع الكتاب طبعة أوربية قديمة سنة ١٨٤٦ م بتحقيق المستشرق دوزي. ثم طبعت بالقاهرة سنة ١٣٤٠ هـ.
وبما أني لم أتمكن من العثور على نسخة من إحدى هاتين الطبعتين - عند تحقيق هذا - لجأت إلى مقابلة النص بنسخة مخطوطة من كتاب كمامة الزهر محفوظة بمكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة رقم ٨٥٣ أدب، وهي نسخة كتبت سنة ١٠١٢ هـ.
(٤) بالأصل: يرمقه، والإصلاح من كمامة الزهر ورقة ٩٢ ب.
(٥) النقل بتلخيص من كمامة الزهر الورقة ٩٢ ب.