للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال والد الأول: تجلى بالجيم المعجمة، وقال الثاني: صوابه تحلّى بالحاء المهملة، فرد الولد عليه بغلظة وسطا بعمامته ابن الفاكهي، فدخل بينهما جماعة كانوا حاضرين فانفض المجلس والعفيف الفاكهي متشوّش، فاجتمع بصاحب البلاد السيد بركات بن محمد بعد صلاة الجمعة بالمسجد فشكا عليه فعل البدري بن ناصر به واستشهد بأخبار وأشعار في الانتصار أعجبتْ الشريف، فأقبل عليه وقال له: خصمك حشاش، وأمر الحاكم مبارك بن بدر بطلبه في ثاني تاريخه فطلبه بحضرة خصمه وأغلظ له في الكلام، وحين رأى ذلك أخذ يقول: مهما فعله الحاكم فيّ أحتمِلُهُ ولو كان ضربًا على رجلي، وسلّم على رأس الفاكهي وأخذ يظهر في المجلس الخبال كعادته، فأصلح بينهما الحاكم وخرجا من عنده، وصدق المثل في قوله: أوْسِع الجرح، وآخره صلح.

وفي ليلة الثلاثاء سادس عشر الشهر عمل القاضي تاج الدين محمد ابن قاضي القضاة الجمالي أبي السعود بن ظهيرة القرشي المكي مولدًا في منزله وسَكَنِ والده بالسويقة حضره جماعته وكثير من الفقراء فلما فرغوا منه ذكروا الله تعالى وانصرفوا. وكان له ولد صغير عمره قريب سنة راقد في مرقده .... (١) ومات، فجهّز في يومه وصُلّى عليه بعد صلاة العصر عند الحجَر الأسود كعادة ظهيرة وحضر معه ثلاثة جنائز فصُلّي عليهم معه أمام الحجر الأسود، منهم المرأة الكاملة المباركة أم الخير ابنة الشيخ الصالح برهان الدين إبراهيم بن محمد بن مصلح العراقي المكي شيخ البيمارستان بها، طليقة الشرفي يحيى بن عبد القوي المتدرّج بالوفاة في هذا الشهر وأم بنته أم هاني فدفنوا في المعلاة بتربة أسلافهم ، واحترق والد الأول وجماعته عليه كثيرًا (٢) فالله تعالى يعوّضهم فيه خيرًا.


(١) خمس كلمات بالأصل غير واضحة المعنى وغير معجمة.
(٢) بالأصل: كثير.