من طريق عاصم بن سليمان الأحول عن الشعبى سمع جابرًا - رضي الله عنه - قال:"نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها". والسياق للبخاري.
وقد اختلف فيه على الشعبى فقال عنه عاصم ما تقدم. خالفه داود بن أبي هند إذ قال عنه عن أبي هريرة وقد جعل هذا الاختلاف البيهقي علة حيث قال:"وقد أخرج البخاري رواية عاصم الأحول عن الشعبى عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما إلا أنهم يرون أنها خطأ وأن الصواب رواية داود بن أبي هند وعبد الله بن عون عن الشعبى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ". اهـ وقد رد قول البيهقي الحافظ في الفتح وخلاصة ذلك أن هذه علة غير قادحة؛ لأن الشعبى أعرف بجابر من أبي هريرة ولأن للحديث من مسند جابر طريقاً أخرى؛ ولأن بعض أهل العلم قد صحح رواية عاصم". اهـ. مختصرًا. وفيما قاله الحافظ نظر إذ إنما يسلم له ذلك لو كان الخلاف كائن من الشعبى أما والخلاف كائن عليه فالنظر في الرواة عنه والمعلوم أن داود أحد الثلاثة الذين هم أوثق الناس عنه وقد سلك الطريق غير الجادة ووقع عند الطحاوى وغيره من طريق عاصم قوله: "عرضت على الشعبى كتابًا فيه عن جابر" فذكر الحديث وفى آخره قوله الشعبى "أنا سمعته من جابر". اهـ فبان بهذا أن الشعبى سمعه من جابر وقد أورد هذا الأثر الترمذي في العلل من طريق أبي داود الطيالسى عن شعبة عن عاصم به وعقب ذلك بقوله للبخاري "سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: يحدث الشعبى عن صحيفة جابر ولم يعرف حديث أبي داود عن شعبة"، ومعنى ذلك أن البخاري يقول إن رواية الشعبى عن جابر من صحيفة لا من سماع وقد بأن بهذا أن التحديث من صحيفة عنده صحيح حيث خرج ذلك في صحيحه، وما قاله من كونه لا يعرف رواية أبي داود عن شعبة، لا يضر ذلك إذ أبو داود لم ينفرد بذلك فقد رواه الطحاوى من طريق وهب بن جرير عن شعبة، كما أن تصريح الشعبى بالسماع من جابر قد ثبت من غير طريق شعبة عن عاصم كما عند النسائي من طريق محمد بن آدم شيخ النسائي عن ابن المبارك عن عاصم.
* تنبيه:
يظهر من كلام البيهقي أن داود وابن عون اتفقا على كون الحديث من مسند أبي هريرة, وذلك كذلك لولا أنه حصل بينهما اختلاف في الرفع والوقف إذ داود رفعه وابن عون وقفه كما عند النسائي في الكبرى فما من حق البيهقي التسوية بينهما كما ظهر.