رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - حتى بكينا لبكائه قيل: يا رسول اللَّه ما هذا البكاء؟ قال:"رحمة لهم الأشقياء أن فيهم المجتهد وفيهم المتعبد وليسوا بأول من سبق إلى القول به وضاق بحمله ذرعا أن عامة من هلك من بنى إسرائيل بالتكذيب بالقدر" قيل: يا رسول اللَّه فما الإيمان بالقدر؟ قال:"تؤمن باللَّه وحده وتؤمن بالجنة والنار وتعلم أن اللَّه خلقهما قبل خلق الخلق ثم خلق الخلق لهما ثم جعل من شاء منهم للجنة وجعل من شاء منهم للنار وكل يعمل على أمر قد فرغ منه وصائر إلى ما خلق له صدق اللَّه ورسوله" والسياق للالكائي.
وسنده إلى ابن لهيعة صحيح. وابن لهيعة قد صرح بالسماع وهو من رواية من احتمل الأئمة قبول حديثه عن ابن لهيعة وهو المقرى وظن مخرج القدر للفريابى أن ابن لهيعة لم يصرح لذا جعل عدم تصريحه من الأسباب المؤدية إلى ضعف الحديث وذلك ممنوع فقد صرح ابن لهيعة بالسماع كما عند اللالكائى والآجرى فانتفى ذلك. كما وافقه على ذلك مخرج الكبير للطبراني فحسن الحديث لوجود الشرطين السابقين وفي كل ذلك نظر إذ قد وجد أن ابن لهيعة يصرح وكان الراوى عنه ممن قبل في انتقاء حديثه ومع ذلك كله لا يسلم من النقد ففي شرح العلل لابن رجب ١/ ٤٢٠ قال ابن مهدى:"لا أحمل عن ابن لهيعة قليلًا ولا كثيرًا ثم قال: كتب لى ابن لهيعة كتابًا فيه: حدثنا عمرو بن شعيب قال عبد الرحمن فقرأته على، ابن المبارك فأخرجه إلى ابن المبارك من كتابه عن ابن لهيعة قال: أخبرنى إسحاق بن أبي فروة عن عمرو بن شعيب. وقال أحمد: كان ابن لهيعة يحدث عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب وكان بعد يحدث بها عن عمرو بن شعيب نفسه". اهـ. فبان بهذا أن ابن لهيعة شديد الضعف والظاهر أن تصريحه بالسماع في موطن التدليس ليس ذلك راجعًا إلى التعمد إذ لو كان ذلك كذلك لكذب إنما كان فعله ذلك لشدة غفلته وقد جوز العقيلى أن يكون أسقط في هذا الإسناد ما تقدم في حكاية ابن المبارك إذ قال:"فلم يأت به عن ابن لهيعة غير المقرى ولعل ابن لهيعة أخذه عن بعض هؤلاء عن عمرو بن شعيب". اهـ. والإشارة التى في كلام العقيلى تعود إلى بعض الضعفاء الذين أخذوه عن عمرو بن شعيب فقد رواه العقيلى من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن عمرو، وإبراهيم متروك. إلا أن ابن لهيعة قد توبع كما عند العقيلى والآجرى فقد رواه عطية بن أبي عطية عن عطاء بن أبي رباح عن عمرو بن شعيب به. إلا أن هذه المتابعة لا تغنى إذ عطية مجهول كما قاله العقيلى وغيره. فظهر بما سبق