كان لا يبالى بمن خالفه في شيخه إبراهيم من قرنائه إلا منصور فإذا بأن ما تقدم فقد اختلفا في إبراهيم، الأعمش وصل ومنصور أرسل وهذا من باب تعارض الوصل والإرسال وعلى ما تقدم عن القطان والثورى فإن الراجح عن إبراهيم رواية منصور فيكون الصواب في الحديث الإرسال.
الأمر الثانى: في مرسلات إبراهيم ذكر العلائى في جامع التحصيل ص ٨٨ و ١٦٨ أن بعض أهل العلم احتج بها وخص ذلك البيهقي بما أرسله عن ابن مسعود ونقل قول أحمد بأن مرسلاته لا بأس بها ورد ذلك الذهبى في الميزان ١/ ٧٥ بقوله: "قلت: استقر الأمر على أن إبراهيم حجة وأنه إذا أرسل عن ابن مسعود وغيره فيس بحجة". اهـ.
وحجة من ذهب إلى تصحيح مرسله وجعله بمثابة المتصل بل قال: بعض أهل الرأى إنه أقوى منه ما رواه ابن عبد البر في مقدمة التمهيد ١/ ٣٧ بسنده إلى الأعمش قال: قلت لإبراهيم: إذا حدثتنى حديثًا فاسنده فقال: "إذا قلت: عن عبد الله يعنى ابن مسعود فأعلم أنه عن غير واحد وإذا سميت لك أحدًا فهو الذى سميت". اهـ. قال أبو عمر:"إلى هذا نزع من أصحابنا من زعم أن مرسل الإمام أولى من مسنده وهو لعمرى كذلك إلا أن إبراهيم ليس معيارًا على غيره". اهـ. وما ذهب إليه البيهقي من كون صحة مراسيله تختص بمن ذكره يشكل علينا أمران:
الأول: ما قيل فيه من كونه يدلس، لذا ذكره الحافظ في الطبقة الثانية من المدلسين والمعلوم أن أمر المدلس غير مقبول متى عنعن فكيف إذا أرسل.
الثانى: كون حديث الباب في رواية الأعمش عنه عن علقمة ومما لاشك فيه أن رواية إبراهيم عنه في الصحيحين وغيرهما وهى داخلة في أصح الأسانيد كما قال العراقى:
النخعى عن ابن قيس علقمة ... عن ابن مسعود ولم من عممه
لكن يعكر علينا ما قيل فيه إنه لم يسمع من علقمة شيئًا وأيضًا يدخل بينه وبين علقمة رواة مجهولين مثل: هنى بن نويرة وجذامة الطائي وقرثع الضبى وأكبر مثال على ذلك حديث "أعف الناس قتلة أهل الإيمان" فإذا ظهر هذا فلا شك أن مرسلاته لا تصح مطلقًا وأنه إذا روى مثل حديث الباب من طريق مغيرة ومنصور في المشهور عنه أنه من قبيل الإعضال والمعضل أشد أنواع السقط كما قال الجوزقانى، وأكبر ما يستدل به على ضعف