إذا تبين لك اختلاف الروايات كما تقدم بقى كلام الأئمة أي الروايات السابقة أرجح فذهب عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي والدارقطني إلى أن أصحها رواية الأعمش في المشهور عنه حيث قال الترمذي في العلل "وسألت عبد الله بن عبد الرحمن فقال: حديث الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أصح". اهـ.
وقال الدارقطني:"وأشبهها بالصواب حديث الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله". اهـ.
خالفهما البخاري حيث حكى المصنف في العلل عنه أنه جوز صحة الروايتين عن الأعمش وحكى أنه لا يعلم من تابع وكيعًا في جعله الحديث من مسند عائشة وتقدم أن وكيعًا لم ينفرد بذلك وكلام البخاري والدارمي يختص بما وقع في الحديث من خلاف
عن الأعمش لكن بقى علينا الخلاف الكائن من الأعمش وقرنائه إذ منهم من وافقه ومنهم من خالفه، فوافقه منصور من رواية ورقاء عنه وتقدم أن هذه الرواية ضعيفة عن منصور إذ خالفه من هو أقوى وأحفظ منه في منصور وغيره فرووه عن منصور معضلًا كما سبق وهذه أصح عن منصور مع كون منصور توبع في هذه الرواية كما تقدم من رواية مغيرة.
وأما من تابع الأعمش على روايته فتقدم أن في ذلك ضعف أيضًا كما يبقى علينا أمران: النظر في اختلاف الأعمش ومنصور، والنظر أيضًا في مرسلات إبراهيم.
أما الأمر الأول:
فذهب إلى تقديم منصور على الأعمش مطلقًا الإمام القطان، ففي العلل لابن رجب ٢/ ٧١٣ قوله:"ما أحد أثبت عن مجاهد وإبراهيم من منصور فقلت ليحيى: منصور أحسن حديثًا عن مجاهد من ابن أبى نجيح قال: نعم وأثبت، وقال: منصور أثبت الناس". اهـ. وقال أحمد: حدثنى يحيى قال: قال سفيان: "كنت إذا حدثت الأعمش عن بعض أصحاب إبراهيم قال: فإذا قلت منصور سكت". اهـ. وقال أيضًا:"كنت لا أحدث الأعمش عن أحد إلا رده فإذا قلت منصور سكت". اهـ. خالف في ذلك وكيع إذ قدم الأعمش على منصور في حديث إبراهيم خاصة كما ذكره الترمذي في حديث صاحب القبرين ولاشك أن قول وكيع مرجوح ومما يؤكد ذلك ما حكاه الثورى عن الأعمش أنه