للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولكن قد رأى في ذلك غيرهما من أصحاب رسول الله خلاف ما رأيا، فلم يعنفوهما فيما حكما به من ذلك، إذ كان الرأي في ذلك واسعًا، والاجتهاد للناس جميعًا، فأدى أبا بكر وعمر رأيهما في ذلك إلى ما رأيا وحكما، وأدى غيرهما ممن خالفها اجتهاده في ذلك إلى ما رآه، وكل مشكور وكل مأجور في اجتهاده في ذلك، مثاب مؤد للفرض الذي عليه، ولم ينكر بعضهم على بعض قوله؛ لأن ما خالفه إليه هو الرأي، والذي قاله مخالفه هو رأي أيضًا، ولا توقيف مع واحد منهما لقوله، من كتاب، ولا سنة، ولا إجماع.

والدليل على أن أبا بكر وعمر ، قد كانا خولفا فيما رأيا من ذلك قول ابن عباس : قد كنا نرى أنا نحن هم قرابة رسول الله ، فأبى ذلك علينا قومنا، فأخبر أنهم رأوا في ذلك رأيًا، أباه عليهم قومهم، وأن عمر دعاهم إلى أن يزوج منه أيمهم ويكسو منه عاريهم، قال: فأبينا عليه إلا أن يسلمه لنا كله، فدل ذلك أنهم قد كانوا على هذا القول في خلافة عمر بعد أبي بكر ، وأنهم لم يكونوا نزعوا عما كانوا رأوا من ذلك لرأي أبي بكر، ولرأي عمر رضي الله تعالى عنهما فدل ما ذكرنا أن حكم ذلك كان عند أبي بكر وعمر وعند سائر أصحاب رسول الله كحكم الأشياء التي يختلف فيها الذي يتسع فيها اجتهاد الرأي.

وأما قولهم: ثم أفضي الأمر إلى علي بن أبي طالب ، فلم يغير شيئًا من ذلك عما كان وضعه عليه أبو بكر وعمر ، قالوا: فذلك دليل على أنه