للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّوويّ (٦٣١ - ٦٧٦ هـ)، وغيرهم. فقد اعتمد ابن تيميّة قول الواقف: "إن اجتمع مَن فيه الرِّواية ومَن فيه الدِّراية، قُدم مَن فيه الرِّواية" (١). ففضَّله ابنُ تيميّة بذلك على جميع المتقدّمين في الرِّواية.

ولما تُوفي شيخُ الإسلام ابن تيميّة مسجونًا بقلعة دمشق، لم يُسمح لأحد بالدخول أولَ الأمر إلّا لخواصّ أصحابه، قال ابن كثير: "وكنت فيمن حضر هناك مع شيخنا الحافظ أبي الحجاج المِزّيّ رحمه الله وكشفت عن وجه الشّيخ، ونظرت إليه وقبَّلْته … ثم شرعوا في غسل الشّيخ، وخرجتُ إلى مسجدٍ هناك، ولم يمكث عنده إلّا من ساعدَ في غَسْله، منهم شيخُنا الحافظ المِزِيّ، وجماعة من كبار الصالحين الأخيار أهل العلم، والإيمان" (٢). ولما مات المِزيُّ بعد ذلك بأربعة عشر عامًا، دُفِنَ غربيَّ قبر رفيقه وصديقه ابن تيميّة (٣) رضي الله عنهما.

وظل الرفقة بعد وفاة ابن تيميّة مؤمنين بهذه العقيدة، ولم يفتروا عن دوام الإيمان بها، فنجدهم مدافعين منافحين عن عقيدة الإسلام الصحيحة، محاربين الخارجين المارقين عنها فيشاهد الناسُ المزيَّ في ذي القعدة من سنة ٧٤١ هـ، وهو في الثامنة والثمانين من العمر، يحضُر المجلس بدار العدل مع رفيقه في العقيدة الإمام الذَّهبيّ عند محاكمة عثمان الدَّكّاليّ، أحد المارقين عن الإسلام، قال ابن كثير: "وتكلّما، وحرّضا في القضية جدًّا، وشهدا بزندقة المذكور بالاستفاضة، وكذا الشيخ زين الدِّين أخو الشّيخ تقي الدِّين ابن تيميّة، وخرج القضاة الثلاثة المالكيّ والحنفيّ والحنبليّ وهم نفذوا حكمه في المجلس، فحضروا قتل المذكور، وكنت مباشرًا لجميع ذلك من


(١) الوافي ٢٩/ ١٠٨، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ٣/ ٧٥، والدرر الكامنة ٦/ ٢٢٩.
(٢) البداية والنهاية ١٦/ ٢١٣.
(٣) البداية والنهاية ١٦/ ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>