قال عزُّ الدِّين الإرْبِليُّ: سألتُهُ عن مولدِه ونحنُ بالمَدْرسة التَّقْوية بدمشق قبل سَفَره إلى بغدادَ، فقال: وُلدتُ ببغدادَ سنة تسع وخَمْسين وست مئة في ثامن عَشَر رَجَب منها، ونشأتُ بها، واختصصتُ في الطِّب بخدمة الصَّدْر ظهير الدِّين ابن مَحَاسن. وذكر لي جماعةً فُضَلاءَ من مشايخِه الذينَ أخذَ عنهم العِلْمَ.
ذو الحِجّة
٤١٠٧ - في بُكْرة الأربعاء مُسْتَهلّ ذي الحِجّة تُوفِّي الشَّيخُ الإمامُ العَلّامةُ قاضي القُضاة فَخْرُ الدِّين أبو العبّاس أحمدُ (١) ابنُ القاضي تاج الدِّين أبي الخَيْر سَلَامة ابن القاضي زَيْن الدِّين أبي العبّاس أحمد بن سَلامة الإسكندريُّ المالكيُّ بالمَدْرسة الصَّمْصامِيّة المالكيّة بدمشق، وصُلِّي عليه ظُهْر اليوم المَذْكور بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغير عند قَبْر الشَّيخ أبي الحجّاج الفِنْدلاوي.
ومولدُه بالإسكندرية في شَوّال سنة إحدى وسبعين وست مئة.
وكانَ إمامًا في مَذْهبه، وله مشاركةٌ في العُلُوم من التَّفْسيرِ والحَديثِ والأُصولِ والتّاريخ، وغير ذلك، وهو من بيتٍ كبيرٍ في بَلَدِه، نَشأ في الاشتغال ولازمَ التفقُّه مدّةً، وجَلَس للإفادةِ وانتفعَ به النّاسُ، ثم وَلِيَ نيابةَ الحُكْم ببلده، وكانَ مَشْكورَ السِّيرةِ، جَمَعَ بين الفِقْه والدِّين والصَّرامة والبَيْت والنَّزاهة، واشتُهِرَ صيتُه وارتفعَ ذِكْرُه، فوَلِيَ قضاءَ القُضاة بالبلاد الشّامية على مَذْهبه، ووَصلَ إلى دمشقَ ولم يكن دَخَلها قبل ذلك فأقامَ بها حاكمًا محمودَ الطريقة، مَرْضيّ السِّيرةِ مدّةَ سنة ونصف وأدركَهُ أجَلُه بها، وحَضَرَ جنازتَهُ جَمْعٌ كبيرٌ، وأجمعوا على الثَّناء عليه في عِلْمِه ودينِه، رحمهُ الله تعالى.