للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهكذا تكوّن فكر هؤلاء الرفقة، وأخلص الثلاثة الإخلاص كله لرفيقهم شيخ الإسلام ابن تيمية وآرائه التجديدية، مما أدى في كثير من الأحيان إلى إيذائهم والتحامل عليهم بما ليس فيهم، فقد قال تاج الدين السبكي الأشعري الجلد المتوفى سنة ٧٧١ هـ: "واعلم أن هذه الرفقة، أعني المزي والذهبي والبرزالي وكثيرًا من أتباعهم أضر بهم أبو العباس ابن تيمية إضرارًا بيّنًا وحملهم على عظائم الأمور أمرًا ليس هيّنًا وجرهم إلى ما كان التباعد عنه أولى بهم وأوقعهم في دكادك من نارٍ المرجو من الله أن يتجاوزها لهم ولأصحابهم" (١).

وهذا النص المتشنج وأمثاله يشير إلى قدم العلاقة التي ابتدأت منذ أيام الطلب، وأخذت تنمو على مرور الأيام فتزيد متانةً وصلابةً. وقد أوذي المِزّيّ بسبب ذلك: وأُوذي مرّةً، واختفى مدّة من أجل تحديثه بتاريخ بغداد للخطيب البغداديّ، وأُوذي ثانية في شهر رجب من سنة ٧٠٥ هـ حينما ناظر ابنُ تيميّة الأشاعرةَ عند نائب السّلطنة الأفرم، وقُرئت عقيدةُ ابن تيميّة الواسطية وحصل البحث في أماكن منها، ثمّ اضطُرّ المناظرون له إلى قبولها بعد أن أفحمهم شيخُ الإسلام، فقعد المِزّيُّ عندئذٍ تحت قُبّة النَّسْر بجامع دمشق،


(١) الطبقات ١٠/ ٤٠٠ وهذا الكلام جزء من كلامه في هؤلاء الرفقة من الأئمة الأعلام ولا سيما في شيخه الذهبي بحيث قال فيه: "والذي أدركنا عليه المشايخ النهي عن النظر في كلامه وعدم اعتبار قوله، ولم يكن يستجري أن يظهر كتبه التاريخية إلا لمن يغلب على ظنه أنه لا ينقل عنه ما يعاب عليه" (الطبقات ٢/ ١٣ - ١٤)، قال ذلك وشحن كتابه الطبقات من كتب الذهبي إذ كان معتمده الرئيس!
وكان السبكي أشعريًّا جلدًا بحيث قال يه عز الدين الكناني (ت ٨١٩ هـ): "هو رجل قليل الأدب، عديم الإنصاف جاهل بأهل السنة ورتبهم" (الإعلان للسخاوي ٤٦٩ فما بعد، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي، الورقة ٤٧ - ٤٨ (الظاهرية)، وانظر مناقشتنا لأقواله في الفصل الذي كتباه عن "النقد" عند الذهبي من كتابنا: الذهبي ومنهجه، وخاصة ٤٣٠ فما بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>