للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المزي بَكَاه غير مرة بعد وفاته، وكتب الذهبي عن المزي: "العلامة الحافظ البارع أستاذ الجماعة، محدث الإسلام" (١) "خاتمة الحفاظ وناقد الأسانيد والألفاظ، وهو صاحب معضلاتنا وموضح مشكلاتنا" (٢).

أما شيخ الإسلام ابن تيمية فكانت شخصيته قد اكتملت منذ شبابه، وصار مجتهدًا منذ فترة مبكرة من حياته، له آراؤه الخاصة التي تقوم في أصلها على اتباع آثار السلف، ويدخل في خصومات عقائدية حادة مع بعض علماء العصر المخالفين له، ويقيم الحدود بنفسه ويحلق رؤوس الصبيان، ويحارب المشعوذين من أدعياء التصوف، ويمنع من تقديم النذور، ويدور هو وأصحابه على الخمارات والحانات ويريق الخمور، ويقاتل بعض أصحاب العقائد الفاسدة، وظهرت شخصيته الجهادية السياسية في الحرب الغازانية في وقعة الخزندار سنة ٦٩٩ هـ، ثم في وقعة شقحب سنة ٧٠٢ هـ التي أبلى فيها بلاءً عظيمًا وشارك بنفسه مع أصحابه في قتال العدو المخذول (٣).

أما جمال الدين المزي، فكان شديد الإعجاب بابن تيمية، وقد أعجب به الإعجاب كله، وترافق معه طوال حياته، قال الذهبي: "ترافق هو وابن تيمية كثيرًا في سماع الحديث، وفي النظر في العلم، وكان يقرر طريقة السلف في السنة ويعضد ذلك بمباحث نظرية وقواعد كلامية … وما وراء ذلك بحمد الله إلا حسن إسلام وحسبة لله، مع أني لم أعلمه ألف في ذلك شيئًا" (٤).


(١) تذكرة الحفاظ ٤/ ١٤٩٨.
(٢) تكملة السير ٢/ ٤٤٨، والدرر الكامنة ٦/ ٢٣٢.
(٣) تنظر التفاصيل في كتابي: الذهبي ومنهجه في كتابه تاريخ الإسلام ٩٢ - ٩٣ (ط. دار الغرب)، وبحثي: "من محراب العلم إلى ميدان القتال" المنشور في مجلة الرسالة الإسلامية (بغداد ١٩٨٤ م).
(٤) تذكرة الحفاظ ٤/ ١٤٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>