للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أكبر أعيادهم، فخرج لهم مُسْتَمْسكًا بطاعة الرَّحمن في جماعةٍ نظيفةٍ من الفُرسان، منهم ابنا أخيه الشَّيْخان الشَّقيقان: أبو يحيى، وأبو مُعَرّف أميرا جيش مالَقة (١) ابنا الشَّيخ الشهيد أبي مُحمد عبد الله بن أبي العُلَى، ومنهم أخوهم للأب الشَّيْخ أبو عامر خالد أمير جَيْش رُنْدَه (٢)، ومنهم الشَّيخ العارفُ أبو مَسْعود مُحمد بن علي البابني، ومنهم أمير جَيْش الخضراء الشَّيخ المُرابط أبو عَطِيّة مُناف بن ثابت المَغْراويُّ، وأمير لوشة الشَّيخ أبو المَكارم زَيّان بنُ عبد المؤمن، ولكل واحدٍ من هؤلاء أولادٌ وأتباعٌ ونَظَرٌ حَسَنٌ وأمرٌ مُطاع. وخَرَجَ مع هؤلاء الفُرسان جُملةُ رجالٍ أنْجاد نحوٌ من خَمْسة آلاف رَجُل من أهل غَرْناطة، فعزمَ الشَّيخ أبو سعيد - أعزَّه الله - ومَن معه عليهم أن يَرْجعوا عن أثره حَوْطةً عليهم بجَمِيل نَظَره، وأن يكون طريق الجَبَل لهم مُصاحبًا، لكونه أمْنَع، ووَصَّاهم أن يكونوا بمَوْضع مَعْلوم هنالك، فلم يتقدّموا عن حدِّه، وأعطاهُم الله ونَصَرهم، وما النَّصْر إلّا من عنده.

ووَصلَ فُرْسان المُسْلمين في ثالثةٍ من النَّهار إلى قُرْب الجَيْش فوَقَعوا ناظِرين، وعَلِمُوا أنَّ اللهَ محيطٌ بالكافرين، فلما رآهُم أعداءُ الله أدرَكَهُم العُجْب والاغترار، وخَرَجَ وزيرُ سُلْطانهم فقال للمُسلمين: ما هذا العار تُشغبون السُّلطان قبل غَذَائه وتُشْغِلُونه عن عِيده بقتال أعدائِه، وما جئنا إلّا برَسْمِكُم وفَسادِ ثَمَركم وزَرْعكم فلُوذوا بالأوطان، واتَّقوا غَضَب السُّلطان لئلّا يَتَغَيّظ عليكم فَيركَب، ولا مَلْجأ لكم منه ولا مَهْرب، فعندَ ذلك حَصَلَ للشَّيخ أبي سَعِيد حالٌ أخرجَهُ عن عَقْله، فنزلَ عن فرسه باكيًا متضرّعًا إلى رَبِّه، وعَلَت أصوات المُسلمين إلى الله بالدُّعاء والضَّجِيج، وأخذ أعداءُ الله في العَجاج والعَجِيج.


(١) عن مالقة: معجم البلدان ٥/ ٤٣.
(٢) حصن بين إشبيلية ومالقة (معجم البلدان ٣/ ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>