٤٢٤٤ - وفي أوائل المُحَرَّم تُوفِّي الصَّدْرُ العالمُ قوامُ الدِّين أبو مُحمد الحَسَنُ (١) ابنُ الصَّدْر نَجْم الدِّين مُحمد بن جَعْفر بن الطَّراح الواسطيّ ببغدادَ، ودُفِنَ بمَشْهد موسى والجَوَاد، رضي اللهُ عنهما.
ومولدُهُ يوم الاثنين تاسع شَهْر ربيع الأول سنة خَمْسين وست مئة ببغدادَ.
وكانَ باشرَ عِدّة ولايات: منها نَظَر النُّظار ممّا يَتَعلّق بولاية أخيه فَخْر الدِّين. وكانَ مُحتَرمًا مُكْرَمًا، له أملاك ونِعْمة ومُزارعة وتِجارة.
وهو رجلٌ فاضلٌ كثيرُ الاشتغال والمَوَاظبة على الكتابة والمُطالعة، وله مَعْرفة بالنَّحو والأدب والمَنْطق والتاريخ، وله جَمْعٌ وتصنيف وشِعر، وكانَ حَسَن المُجالسة، قليلَ الخُروج من بَيْته، مُوفّرًا على مُطالعة الكُتُب الأدبية يؤلّف منها أشياء حَسَنة.
وكانَ قُدومه دمشق في سنة سَبْع وتسعين وست مئة، فبقِيَ نحو سنتين، وقُرّر له في الشَّهْر ثلاث مئة دِرْهم على المَصَالح، ثم إنَّهُ سافرَ إلى العراق سنة التَّتار وباعَ جُملةً من كُتُبه وحوائجه، وجَمَعَ نحو ثلاث مئة دينار وتَجَهّزَ بها، ووَصلَ إلى بغدادَ وأقامَ بها في ضِيقٍ، ثم سافرَ إلى تِبْريز فأكرمَهُ القُطْب الشِّيرازيُّ وكانَ يبرّه، ثم عادَ إلى بغدادَ فوَلِيَ نَظَر المُسْتَجَد، ومشيخةً.
وأمّا أخوه الكبير فَخْرُ الدِّين فكانَ عارفًا بتَحْصِيل الأموال وعِمارة الأرضين وقَمْع المُفْسِدين. وَلِيَ نيابةَ واسط والحِلّة والكُوفة مدّةً طويلةً. وكانَ كريمًا شُجاعًا فاضلًا في عِلْم الإنشاء والنَّظْم ومُباشرة الدِّيوان. ولم يَزَل على ذلك إلى أن قُتِلَ ببغدادَ تحت دار الشاطِئية، وكانَ عليه دُيون أكثر من مئة ألف دينار وصُودِرَ وأهله وأقاربه وأتباعه. وكانَ يُكاتب سُلْطان المُسلمين.