الخَيْل عنها فلم يَجِد فيها غيرَ إنسانٍ واحد اسمه أحي أبو بَكْر، فسأله قُرْمُشي عن جُوبان فقال: هَرَب وحدَهُ، ولم يَعْرف أحدٌ منّا بهزيمتِه. قال: فضرب قُرْمُشي عُنُق أحي أبو بَكْر المَذْكور، ونَهَبَ مُخَيَّم جُوبان وأموالَهُ وخَيْلَهُ وموجودَهُ، وساقَ خَلْف جُوبان هو ورفاقه المَذْكورون.
وأمّا جُوبان فإنه لم يَزَل هاربًا إلى أن وصلَ إلى مدينة مَرَنْد وليسَ معه غير نَفَرين من أصحابه، فتلقّاه الأميرُ ناصرُ الدِّين ملك مَرَند، وأمَدَّهُ بالخَيْل والمال والسِّلاح، ووَصلَ معَه إلى قريةٍ كبيرةٍ من تِبْريز تُسمّى دينه صُوفيان، ووَصلَ خبرُه منها إلى تِبْريز، فخرجَ إليه الوزير تاجُ الدِّين عليّ شاه التِّبْريزيُّ وزيرُ المَلِك أبي سَعِيد ومعهُ ألف فارس مُسَلَّحة بالسِّلاح التّام، فأنزلَهُ وأكرمَهُ، وأخرجَ إلى لقائِه أهلَ تِبْريز بالفَرَح والسُّرور، ونُصِبَت له القِباب، وأمدُّوه بالأموال والسِّلاح، فباتَ في تِبْريز ليلةً، وخرجَ منها مُتوجِّهًا إلى المدينة السُّلْطانية إلى حَضْرة المَلِك أبي سعيد واستصحَبَ الوزير عليّ شاه معَهُ، ودخلَ عليّ شاه بينَ يديه إلى حَضْرة أبي سَعِيد، وقال له: يا مَلِك الوَقْت هذا جُوبان هو لكَ بمنزلة الوالد، وهو شَفِيقٌ على الدَّولة، خبيرٌ بأمورها، وهؤلاء يَحْسدونه ويُريدون يُوقِعُون العَداوة بينَه وبينَ المَلِك حتى يَقْتله، فإذا قُتِلَ تَمَكَّنوا من المَلِك ولَعِبُوا بالدَّولة وولَّوا مَن أرادُوا وعَزَلوا مَن أرادُوا وليسَ في وجوهِهِم من يَمْنعهم من أغراضِهم الفاسدة إلّا هذا الرَّجُل. وقد بَلَغَني أنَّ الأميرَ إيْرَنْجِي قال: إنَّ ابني "عليّ" أحقّ بالمُلْك من أبي سَعِيد، وهذا جُوبان رَجُلٌ مأمونٌ شفيقٌ على مولانا السُّلْطان، ولا يَحْصل للمَلِكِ نائبٌ مثله، وقال من هذا القَوْل وأشباهه شَيْئًا كثيرًا، ولم يزل بأبي سَعِيد حتى رضِيَ عنه.