مُقَدّم عَشَرة آلاف فارس، والأميرُ قُرْمُشِي، وهو أيضًا مُقَدّم عَشَرة آلاف فارس، والأميرُ دُقْماق مثلهم أيضًا، والأميرُ أَرُس أخو دُقْماق، ومُحمد هَرْزة، ويوسُف بُكا، وبهاء الدِّين يعقوب المَعْروف بالمَسْخَرة، وكل هؤلاء أعيان مُقَدَّمون في الدَّولة، وغير هؤلاء ممّن يطول شَرْح ذِكْرهم، على أن يَعْمَلوا لجُوبان دَعْوة يَقْبِضون عليه فيها إمّا بحَرْبٍ أو بغير حَرْب. قال: فسيَّر إليه قُرْمُشي يسأله أن يَعْمَل له دَعْوة في نواحي عَمَله قريب من بلاد كُرْجِستان، وسَيَّر له تقادمَ وهَدَايا، فقبلها جُوبان، وأجابَ إلى حُضور الدَّعوة، فعمل قُرْمُشي الدَّعوة في نواحي كُرْجِستان في موضع منه يُسمّى سُرْمارَى، وهذا مكان تكون فيه بيوت قُرْمُشي وجيشه، فلما تهيّأت الدَّعوة وكملت، وجُوبان قد تهيَّأ هو وأصحابه وخواصّه لحضورها إذ جاءه رجل أقْطَجي من جماعة قُرْمُشي في خفْية ونَصَحَهُ وأخبره بالذي قد انطوَى الجماعةُ عليه من قَبْضه وقَتْله وقال له: لا تَلْبث، فالسَّاعة يَكْبسُونكَ، قال: وانتبَهَ جُوبان لمصلحته، وقَبِلَ نُصْحَهُ، وقال: أنا أحتاط على رُوحي وأهرب بحيثُ لا يَعْلَم بي أحدٌ، فإنْ كانَ هذا المُناصح صادقًا فقد عملتُ بالاحتياط، وإن كانَ كاذِبًا فاقدر على عُذْر أقولُه يكون فيه رِضَاهُم. قال: وقامَ في الحال وهَرَب وتَرَك مُخيَّمهُ وخَيْلهُ وأموالَهُ وأصحابَهُ وبيوتَهُ على حالها، ولم يُخْبر أحدًا من أصحابه بخَبَرِه، وأخذَ معه حينَ هربَ ولدًا له اسمه حَسَن، وأقبل قُرْمُشي في عَشَرة آلاف فارس من التَّتار والكُرْج والفُرْس، فسأل عن جُوبان، فقيل له: هو جالس في مُخَيَّمه ينتظرُ حُضُور الدَّعوة، فقصدَهُ قُرْمُشي وهجمَ على مُخَيَّمه وكَبَسه وشَهَرَ السَّيْف، وثارَ أصحاب جُوبان مَذْعورين ما يَدْرون ما الخَبَر، غير أنهم قاتلوا قتالًا شديدًا بحيث أنه قُتِلَ من الفَرِيقين نحو ثلاث مئة فارس بالتَّقْريب، وخَلَصَ قُرْمُشي إلى خَيْمة جُوبان وكشفَ