للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

خُلْفٌ شديدٌ وقد استحالُوا على أتابِكِهِم ومُقَدَّم جُيُوشِهم، وهو الأميرُ جُوبان نائبُ السَّلْطنة لأبي سعِيد ابن المَلِك خَرْبَنْدا، وتَغَيَّروا عليه وكَرِهُوا نيابتَهُ عليهم، وأنه وَقَعَت بينَهُم بسبب ذلك مَقْتَلة في مكانٍ يُسَمَّى ألاداغ، وقُتِلَ منهم نحو ثلاثين ألفَ نَفَر أو أكثر، حتى كادَ أن يَزُول مُلْكُهم، ولم يَزَل هذا الخَبَر يزيدُ ويَنْقُص إلى أن وردَ الشَّيخ مُحمد ابن الشَّيخ أبي بكر القَطّان الإرْبِليُّ حاجًّا، فأخبَرَني بأكثر تَفْصيل هذا الأمر على جليّته، قال:

كانَ سَبَب الحَرْب التي وَقَعَت في أرْباب الدَّولة التَّتارية هو أنَّ المَلِك أبا سَعِيد ابن المَلِك خَرْبَنْدا انحصرَ من جهة نائِبه الأمير جُوبان، لأنَّ جُوبانَ استولَى على الأموال والجُيوش، وصارَ الجميعُ في حُكْمه وتحتَ تَصَرُّفه، ولم يَبْقَ لأبي سَعِيد إلا الاسم، وطَرَدَ أقوامًا كانُوا مُقَرَّبين إلى حَضْرة أبي سعِيد، وقَرَّب أقوامًا كانوا مَبْغُوضين إلى أبي سَعِيد، وقتلَ الأمير زَنْبو، وهذا الأمير كانَ متولِّي تَرْبية أبي سَعِيد، وهو عنده بمنزلةٍ كبيرة، وأنَّ أبا سَعِيد عَجَز عن مَسْكِه وقَتْله، فأفشَى سِرَّهُ إلى بعضِ أُمراء دَولته، وهو الأمير إيْرَنْجِي (١) خال أبيه خَرْبَنْدا وإلى الأمير قُرْمُشي بن اليناخ (٢)، وإلى الأمير دُقْماق، فقالوا: إنْ رَسَمْتَ لنا أن نَخْرجَ عليه ونَكْبسهُ ونَقْتلهُ، أو نُصَرَّح له بالحَرْب فَعَلْنا ما أردتَ من ذلك. قال: فجَرَت بينَهُ وبين أمرائِه في ذلك مُكاتبات، ووَقعَ الاتفاق فيها على أنهم يَقْتلونَهُ على أيّ حالٍ كان.

قال: ووَقَعَ هذا الاتفاق والكَبْسة التي كَبَسوا فيها جُوبان في شَهْر جُمادى الأولى من السَّنة المَذْكورة، قال: فاتَّفقَ الأميرُ إيْرَنْجِي، وهو يومئذٍ


(١) قيده الصفدي بالحروف فقال: "بكسر الهمزة وسكون الياء آخر الحروف وراء بعدها نون ساكنة وجيم وياء آخر الحروف" (أعيان العصر ١/ ٦٦٦)، وقيده ابن تغري بردي في المنهل الصافي ٣/ ١٨٧ بفتح الألف والباقي مثله.
(٢) هكذا مجود في النسخة، وفي نهاية الأرب: "النياج".

<<  <  ج: ص:  >  >>