ابنُ الإمام أبي القاسم أحمدَ ابنِ الإمام الكبير القاضي أبي الوليد مُحمد بن أبي القاسم أحمد بن عبد الله بن أبي جَعْفر أحمد بن خَلَف بن إبراهيم بن أبي عيسى التُّجِيْبيُّ القُرطُبيُّ، ثم الإشْبِيليُّ، المَعْروف بابن الحاجّ، ونُودِيَ له في البَلَد، وصُلِّي عليه عَقِيب العَصْر بجامع دمشق، ودُفِنَ بمقبَرة الباب الصَّغِير جوار الفِنْدلاويّ، وحَضَرهُ جمعٌ كثيرٌ، واتَّفقَ النّاسُ على الثَّناءِ عليه ووَصْفِهِ بالصَّلاح والجَلالة.
ومولدُهُ بإشبيلية يوم الثُّلاثاء السّابع والعِشْرين من ذي الحِجّة سنة ثمانٍ وثلاثين وست مئة، رحمهُ اللهُ تعالى.
وأسلافُهُ كانوا بقُرطُبة من زمن عُمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، وانتقَلَ جدُّه إلى إشبيلية بسبب الفِرَنج، ووَلِيَ قضاءَها، ومات أبوهُ ثم جدُّه كلاهما في سنة إحدى وأربعين وست مئة. وكانت لهم أموالٌ جَمّةٌ ونِعَمٌ كثيرةٌ تَمَحَّقت بسبب الانتزاح من قُرْطُبة، ثم بسببِ مُصادرة ابن الأحْمَر، فإنّه أخذَ من جَدِّه القاضي أبي الوليد عِشْرين ألف دينار في مدّة شَهْر، وأرسلوا كُتُبهم إلى سَبْتة فعُدِمَت.
ورُبّي أبو الوليد هذا يَتِيمًا عند أمِّه وانتقلوا إلى شَرِيش وإلى غَرْناطة، ثم أقامَ هو بتُونس مدّة خَمْس سنين، ثم حجَّ ورجعَ مع الشاميّين، وأقامَ بدمشق من سنة أربع وثمانين وست مئة إلى أن ماتَ. ووَلِيَ إمامةَ المالكية بجامع دمشقَ في نِصْف ذي الحِجّة سنة اثنتين وسبع مئة، ولم يَزَل مُلازمًا لها إلى حين موتِه. وسَمِعَ في مدّةِ إقامته بدمشقَ هو وولداهُ من شَيْخنا ابن البُخاري وجَماعة من الشُّيوخ، وحَدَّث، وعُرِضَ عليه الحُكْم بدمشقَ نِيابةً عن المالكيّ فامتنعَ من ذلك.
وكانَ على طريقةٍ حَسَنةٍ، وكَتَبَ بخطِّه جُمْلةً من الكُتُب نحو مئة مُجَلّدة لنفسِه وإعانةً لولديه على الاشْتِغال بالعِلْم. واشتغلَ في مبدأ عُمُره في الفقه