للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

واحتفلَ النّاسُ لتلقِّي سَيِّدنا قاضي القُضاة نَجْم الدِّين بن صَصْرَى الحاكم بالشّام المَحْروس، أيَّدَهُ الله تعالى، بحيث وصلَ أوائلهم إلى تَبُوك لِمَا يَنْبغي من تَعْظِيمه وتعظيم مَنْصبه ورُتْبته، ولِمَا له من المَكارم والحُقوق على النّاس.

وكانَ وصولُ المَحْمَل والرَّكْب إلى مدينة دمشق في يوم الاثنين سَلْخ المُحَرَّم.

• - ووَصلَت الأخبارُ في أول هذه السَّنة إلى دمشقَ بما حَصَل بديارِ بَكْر، والمَوْصل، وإرْبِل، ومارِدِين، والجَزِيرة، ومَيّافارقين، وغيرها من الغَلاءِ العَظيم والجَلاء وخَرَاب البلاد وبَيْع الأولاد.

أمّا مارِدِين فبلغ ثَمَن الرِّطْل الدِّمشقيّ من الخُبز ثلاثة دَرَاهم إلى أربعة ولم يُوجد في الغالب مع عَدَم بقيّة الأقوات، وماتَ من أهلها جَمْعٌ كبير، وجَلا أكثر أهل بلادها، وأكلَ النّاسُ فيها المَيْتة، وباعَ بعض النّاس أولادَهُم.

وأما جزيرة ابن عُمر فقيل إنّه ماتَ بها من أول هذه السَّنة إلى سَلْخ ربيع الآخر منها خَمْسة عشر ألفًا بالجُوع والوَباء، وأبيعَ من الأولاد نحو ثلاثة آلاف صَبِيّ، وكانَ يُباع الصَّبيّ من نحو الخَمْسين درهمًا إلى العَشَرة، ويَشْتَريهم التَّتارُ، وكانَ المارّ بها يمرُّ من باب الجَبَل إلى باب الشَّطِّ، فلا يَجِد أحدًا، غير أنَّ روائحَ الجِيَف تخرج من البُيوت، وصارت الكلاب تأكل الجِيَف وتأوي إلى الجامع، وبُطّلت الجُمُعة نحو شَهر.

وأما مَيّافارقين فماتَ غالب أهلها بحيث مَرّ المارّ بأسواقها فلم يَجِد غير ستّ حوانيت.

وأمّا المَوْصل فكانَ الغَلاءُ والجَلاءُ وموتُ النّاس فيها أشدّ من مارِدِين، وكذلك بيعَ الأولاد، بحيث خَلَت الدُّور من أهلها، وأكلُوا الميتات، وباعوا كلَّ عَزِيز ونَفِيس، باعَ رجلٌ ولدَهُ باثني عَشَر دِرْهمًا، وقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>