مُغْلَق، فُتِحَ منه الخُوخة حسبُ، واجتمعَ العامة والنّاسُ من باب القَلْعة إلى باب النَّصْر وظاهر البَلَد، حتى سَقَط منهم جماعة في الخَنْدق، فسَلِم جماعةٌ، وهلكَ نفرٌ يسير دون العَشَرة. وأمسَى النّاسُ يوم السَّبْت وقد أُعلنَ باسم الملك المَنْصور ولا يَخْتَفِي أحد بذلك، وشُرِعَ وقت العَصْر في دقّ البشائر على القَلْعة.
وفي سَحَر ليلة الأحمد ذكره المؤذِّنون بجامع دمشق، وتَلَوا قوله تعالى:{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ}[آل عمران: ٢٦] الآيةَ إلى آخِرِها، وأظهرُوا اسمَهُ والدُّعاءَ له، وذكرَهُ قارئ المُصْحف بعد صلاةِ الصُّبْح بمقصورة الخطيب، ودُقَّت البشائر على أبواب أُمراء دمشق دقًّا مُزْعِجًا، وأُظْهِرَ الفرحُ والسُّرور، وزُيِّنت أسواق البَلَد جميعها.
وأمّا الصّاحب شهاب الدين الحَنَفي فإنّه دخلَ يوم السَّبْت من الصّالحية فرأى الأمرَ قد اضمَحَلَّ فرجع وحده وخَفِي أمره، وكذلك أخُوه المُحْتَسب زين الدِّين، وبقيت البَلَد مُعَطّلة من الحِسْبة، فركب ابن النُّشّابي الوالي ونظرَ في الحِسْبة وفي أمر الخَبّازين، وأحكمَ أمرَهُم يوم السَّبْت.
وفي يوم الأحد نادَى جماعةٌ بدمشق بسَلْطنة الملك المَنْصور حُسام الدِّين وأُمِرَ النّاسُ بفتح حوانيتهم واشتغالهم بمَعايِشهم على عادتهم.
وكذلك يوم السَّبْت نُودي أيضًا.
وفي يوم الأحد حَضَر القُضاة الأربعة بدار السَّعادة وحَلَفَ الأمراءُ بحضورهم بتحليف شَمْس الدِّين ابن غانِم، وكذلك حَلَف المقدَّمون والجُنْد، وكُتِبت المطالعات بذلك من جهة الأُمراء والقُضاة، وحضرَ ذلك الأمير سيفُ الدِّين غُرْلُو العادليُّ نائبُ السَّلْطنة، وأظهرَ السُّرور، وحَلَف مع الجماعة. وقال:"السلطان الملك المَنْصور حسامُ الدِّين هو الذي عَيَّنني للنيابة، وأستاذي كان استَصْغَرني".