وحجة أخرى أن عبد الله بن عباس وأبا هريرة قد رويا ذلك عن النبي ﷺ في مواقيت الصلاة، ثم قالا: هما في التفريط في الصلاة: إنه تركها حتى يدخل وقت التي بعدها.
فثبت بذلك أن وقت كل صلاة من الصلوات خلاف وقت الصلاة التي بعدها فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار.
وأما وجه ذلك من طريق النظر فإنا قد رأيناهم أجمعوا أن صلاة الصبح لا ينبغي أن تقدم على وقتها ولا تؤخر عنه فإن وقتها وقت لها خاصة دون غيرها من الصلوات.
فالنظر على ذلك أن يكون كذلك سائر الصلوات كل واحدة منهن منفردة بوقتها دون غيرها، فلا ينبغي أن تؤخر عن وقتها ولا تقدم قبله.
فإن اعتل معتل بالصلاة بعرفة وبجمع قيل له: قد رأيناهم قد أجمعوا أن الإمام بعرفة لو صلى الظهر في وقتها كما في سائر الأيام، وصلى العصر في وقتها كما في سائر الأيام، وفعل مثل ذلك في المغرب والعشاء بمزدلفة، فصلى كل واحدة منهما في وقتها كما صلى في سائر الأيام كان مسيئا.
ولو فعل ذلك وهو مقيم أو فعله وهو مسافر في غير عرفة وجمع لم يكن مسيئا.
فثبت بذلك أن عرفة وجمع مخصوصتان بهذا الحكم، وأن حكم ما سواهما في ذلك بخلاف حكمهما فيه. فثبت بما ذكرنا أن ما روينا عن رسول الله ﷺ من الجمع بين الصلاتين أنه تأخير الأولى، وتعجيل الآخرة.