قال أبو جعفر: فهذا رسول الله ﷺ قد أباح الحرير لمن أباح له اللبس من الرجال، للحكة التي كانت ممن أباح ذلك له فكان ذلك من علاجها، ولم يكن في إباحته ذلك لهم للعلل التي كانت بهم ما يدل أن ذلك مباح في غير تلك العلل.
فكذلك أيضا ما أباحه رسول الله ﷺ للعُرنيين للعلل التي كانت بهم، فليس في إباحة ذلك لهم دليل أن ذلك مباح في غير تلك العلل.
ولم يكن في تحريم لبس الحرير ما ينفي أن يكون حلالا في حال الضرورة، ولا أنه علاج من بعض العلل.
وكذلك حرمة البول في غير حال الضرورة ليس فيه دليل أنه حرام في حال الضرورة.
فثبت بذلك أن قول رسول الله ﷺ في الخمر:"إنه داء وليس بشفاء" إنما هو لأنهم كانوا يستشفون بها؛ لأنها خمر فذلك حرام.
وكذلك معنى قول عبد الله -عندنا- إن الله ﷿"لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم"، إنما هو لما كانوا يفعلون بالخمر، لإعظامهم إياها.
ولأنهم كانوا يعدونها شفاء في نفسها، فقال لهم: إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم".
فهذه وجوه هذه الآثار.
=والبيهقي ٣/ ٢٦٧ - ٢٦٨، والبغوي (٣١٠٦) من طرق عن همام به.