للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مناهيه ومَسَاخطه، ثم أحل حلاله الذي وسع به، وحرم حرامه فجعله مرغوبًا عنه، مسخوطًا على أهله، وجعل مما رحم به هذه الأمة، ووسع به عليهم ما أحل من المغنم، وبسط منه ولم يحظره عليهم كما ابتلى به أهل النبوة والكتاب ممن كان قبلهم، فكان من ذلك ما نفل رسول الله لخاصة دون الناس مما غنمه من أموال بني قريظة والنضير، إذ يقول الله حينئذ ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦)[الحشر: ٦]، فكانت تلك الأموال خالصةٌ لرسول الله لم يجب فيها خمس ولا مغنم ليولي الله ورسوله أمره، واختار أهل الحاجة بها السابقة على ما يلهمه من ذلك، ويأذن له به فلم يضر بها رسول الله ولم يخترها لنفسه، ولا لأقاربه، ولم يخصص بهذا منهم بفرض ولا سهمان، ولكن آثر بأوسعها وأكثرها أهل الحق والقدمة من المهاجرين ﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (٨)[الحشر: ٨]، وقسم الله طوائف منها في أهل الحاجة من الأنصار، وحبس رسول الله فريقًا منها لنائبته وحقه وما يعروه، غير مفتقد شيئًا منها ولا مستأثر به، ولا مريد أن يؤتيه أحدًا بعده، فجعله صدقةً لا يورث لأحد فيه هادة في الدنيا، ومحقرة لها وأثرة لما عند الله، فهذا الذي لم يوجف فيه خيل ولا ركاب، ومن الأنفال التي آثر الله بها رسوله ولم يجعل لأحد فيها مثل الذي جعل له من المغنم الذي فيه اختلاف من اختلف قول الله ﷿ ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ