عارفًا بالمكاتيب الشرعية، معظِّمًا عند الحكام والأعيان، مُحبَّبًا إلى الناس، ديِّنًا خيِّرًا، حسن الأخلاق، كثير التواضع والتّودّد، قائمًا بحقوق أصحابه، ذا مروءةٍ وافرة، وأوصاف شِيَمُها باهرة، وهمّة عالية، رحل في طلب الحديث، إلى البلاد الشامية، والديار المصرية، وثغر الإسكندرية، ومكة المشرَّفة، والمدينة النبوية، وسمع الكثير من الجمّ الغفير، وقرأ وكتب وحدّث، وروى وأفاد، وجمع وألف، ورتّب وصنّف، وانتقى وخرّج، وعُنِيَ بهذا الشأن. ثَبَتُه عشرون مُجلّدًا، وأشياخه الذين سمع منهم يزيدون على ألفي نفر، منهم مئة قاض، وثمانون خطيبًا ومئتا أديب، وأشياخه بالإجازة ألف نفر، وسمع من الكتب الكبار نيفًا وخمسن كتابًا، ومن الأجزاء المختلفة كثيرًا، وأخذ عن العلّامة شرف الدين أبي العباس أحمد الفَزاري، ولازمَ أخاه الشيخ تاج الدين، ولقي المشايخ وسمع منهم، وقرأ عليهم كثيرًا بعبارته الفصيحة الصحيحة، وجمع تاريخًا مفيدًا، رحمه الله تعالى.
رأيت الشيخ عَلَم الدين المذكور بدمشق، واجتمعت به مرَّات، وسمعت من فوائده، وبقراءته على عدّة من مشايخ الحديث بها، وكتب عنّي قصيدة نبوية، ثم وقفت على تاريخه المذكور، وعلى مُعجمه المشتمل على ذكر مشايخه، وهما أكثر من عشرين مجلدًا، ونقلت منهما، واستفدت وكتبت على المعجم المذكور:
يا طالبًا نَعْت الشيوخ وما رأوا … ورووا على التفصيل والإجمال
دار الحديث انزل تجد ما تبتغي … لك بارزًا في معجم البرزالي " (١)
وقال علامة الشام ابن ناصر الدين الدمشقي المتوفى سنة ٨٤٢ هـ: "الإمام الحافظ الثقة الحجة مؤرخ الشّام وأحد محدثي الإسلام، علم الدين،