للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وكانَ شيخًا فاضِلًا، حَسَنَ الشَّكْل، مَليحَ العِبارةِ، فَصِيحًا، عارِفًا بأشعارِ العَرَب، يَحفظُ من ذلك ما لا يُحْصى كَثْرةً، وكانَ وافرَ الفَضيلة، مَليحَ الخَطِّ، مُلازمًا لتلاوةِ القُرآن. وسَيَّرهُ السُّلطانُ رسولًا إلى بركةَ، فمَرِضَ في الطَّريقِ ورَجَع. وله شِعْرٌ جيِّدٌ.

رَوَى عنِ ابنِ الزَّبِيديِّ. كتبَ عنهُ الدِّمياطيُّ من شِعْرِه (١).


(١) أنشد له الدمياطي قصيدة واحدة فقط، قال: أنشدنا لنفسه في وصف القلم، من قصيدة .. على مدح بعض الوزراء:
يَعْلُو أنامِلُهُ التي هي أبْحُرٌ … قَلَمٌ جَليلُ القَدْرِ وهو دَقِيقُ
وكذلكَ القَصَبُ الضَّعيفُ غَزِيرُهُ … يَعْلُو البِحارُ بطَبْعِهِ ويَفُوقُ
عَجَبًا لهُ خَمَدَتْ بهِ نارُ الوَغَى … وبمِثْلِهِ أبدًا يُثَبُّ حَرِيقُ
وأراهُ مَقْطوعَ اللِّسانِ لبَثِّهِ … سِرَّ المُلُوكِ وإنَّهُ لسَرُوقُ
أخَذَ الفَوائِدَ من فَرائِدِ ذِكْرِكُمْ … سَرْقًا وقَطْعُ السّارِقينَ حَقِيقُ
وأراهُ يُحْبَسُ في الدَّواةِ على الطِّوَى … والجِسْمُ عَبْرَ والمَكانُ مَضِيقُ
وغدا برِقَّتِهِ وصُفْرةِ لَونِهِ … مِثلَ العَليلِ يَسِيلُ منهُ الرِّيقُ
وشَفَى المَمالِكَ فاسْتقامَ مَزاجُها … منهُ طَبِيبٌ في العِلاجِ شَفِيقُ
كَدَرَتْ مَشارِبُ وُرْدِهِ لكنَّهُ … يَصْفُو بهِ وِرْدُ العُلا ويَرُوقُ
فلهُ ظَلامُ اللَّيلِ طَوْرًا مَوْلِجٌ … ولهُ على وَضَحِ النَّهارِ طَرِيقُ
وتَراهُ في الأسْفارِ يَدْأَبُ ساعِيًا … في أنْ يُوَفِّي للعَلاءِ حُقُوقُ
وتَراهُ أعْجَمَ وهُوَ أفْصَحُ مَن تَرَى … بينَ الوَرَى ولسانُهُ مَشْقُوقُ
في رأسِه عندَ التَّحَرُّكِ خِفّةٌ … لقَليلِ سَوداءٍ عليهِ تَحِيقُ
ولقَدْ تَحَمَّلَ كُلَّ أعْباءِ العُلَى … هذا الضَّئِيلِ لكُمْ فكيفَ يَطِيقُ
وذكر أبياتًا، ثم قال للممدوح:
للهِ دَرُّكَ من كَرِيمٍ جُوْدُهُ … حَسَدًا لهُ قَلْبُ الغَمامِ خَفُوقُ =

<<  <  ج: ص:  >  >>