للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وكانَ المُسلمون يَحْتاجون في كُلِّ يوم لقُوتِ الأسْرَى وقُوت مَن يَحْرسهم ويَحْرس الدَّوابَ خَمْسة آلاف دِرْهم. وزَعَمَ النّاسُ أنَّ الذي أُلْقِيَ من الذَّهَب والفِضّة بالمَحلّة كانَ سَبْعين قِنْطارًا، ولم يَظْهر من ذلك سِوَى رُبْع هذا المِقْدار. وأمّا الدوابّ والأخْبِية والعُدَد فشيءٌ ملا لا يُوقف له على عَدَد. ولقد عُزِمَ على بَيْع ما يَحْصل منها وقِسْمته، فلم يُطِق أحدٌ من المُشْتَغِلين لمحاولته، وبَقِيَ المَبِيع في الأُسارى والدَّوابّ وبَعْض الأسباب ستة أشهر مُتوالية، فلم يَتَخَلّص، وهي حتى الآن باقية. ولحِقَ النّاس من طول البَيْع المَلَل وداخَلَهُم العَجَز عن الشِّرَاء والكَسَل ونِهاية ما كانَ فرسان المُسلمين في ذلك اليوم بعد رُجُوع الرُّماة مما كانوا فيه ألفين وخَمْس مئة فارس، ولم يُسْتَشْهَد منهم سِوَى أحدَ عَشَر رَجُلًا منهم خالد بن عبد الله المَذْكور، وعُمر بن تاجزَّرْت، وكانَ من خِيار الفُرسان.

ولمّا كانَ يوم الخَمِيس العاشر من المُحَرَّم مُفْتَتَح عام عِشْرين وسَبْع مئة عزم الشَّيخُ أبو يحيى أميرُ جَيْش مالقة، حاطَها اللهُ أن يَتَوَجّه إلى رُنْدة وَيجْتَمع فيها بابنه مَسْعود الذي تَولَّى أمرَ جَيْشِها بعدَ عَمِّه الشَّهِيد خالد، ويَصِل إليه الشَّيخُ أبو عطيّة مُناف بن ثابت وَيتَوجَهوا للإغارة على شَرِيش (١) من بلاد النَّصارَى، فَتَحها اللهُ، فنقلَ ذلك إلى النَّصارى، دَمَّرَهُم الله، المُجاورين لمالقة ولبلاد المُسْلمين المُجاورة لها، فَعَزَمُوا على أن يَغاروا على قامِرة (٢) وحِصْن قوْج (٣) من نظر مالقة، وبالقُرب منها، فارتَقَبُوا يوم انفصالِه.


(١) Jerez قاعدة كورة شذونة (معجم البلدان ٣/ ٣٤٠).
(٢) هكذا في نهاية الأرب أيضًا ٣٢/ ٣١٧ - ٣١٨، ولم نقف عليه، والقاف بدل الكاف الأعجمية (G).
(٣) الضبط من الأصل، ولم تذكره كتب البلدان.

<<  <  ج: ص:  >  >>