حتى وَصلوا إلى مدينة من أعمال أذْرَبِيجان اسمها ميانة، ثم ساقُوا منها إلى مدينة زَنْكان، ومنها إلى ضَيْعة اسمها دية مَنارة، فتوافوا هم وجُوبان في هذا المكان، ووَقَعت العَيْن في العَيْن.
فلما رأى الأمير إيْرَنْجِي أبا سَعِيد وأعلامَهُ تَحيَّرَ وقال لأصحابه: هذا كانَ معنا صار علينا وما نَدْري كيفَ نَصْنَع بحَرْبه. فقال له قُرْمُشي: لا بدَّ من الحَرْب فاثبت لهم فإنَّ السُّلْطان في الباطن مَعَنا وما رَكِبَ مع جُوبان إلّا ليُبَرّئ عِرْضه في الظّاهر من هذه القضية، فتصافَفَ الجَيْشان، وخافَ إيْرَنْجِي أن يُبادي أبا سَعِيد بالحَرْب، وكذلك سائر من كانَ معه تَحَيَّروا في هذا الحَرْب كيف يكون سوى قُرْمُشي فإنه سيَّر إلى جُوبان يقول له: عَلِّم لي علامةً اقصُدُها وأجيء إلى طاعتك وأصالحك وتبطل هذه الحَرْب، فعَلَّم له جُوبان عَلَمًا، ولم يقف تحته خَوفًا من غَدْرٍ يقع. فلمّا رأى قُرْمُشيّ العلّامة التي قيلت له حَمَل على مَوْضع تلكَ العلّامة ظنًّا أن جُوبان تحتها، فلم يَجِدْه، ومدّ يده بالسَّيف، والتحمت الحَرْب، وتَقَدَّم الأمير طاز والأمير قَرَاسُنْقُر المَنْصوريُّ، وقاتلا قتالًا شديدًا، ودارت الحَرْب بينهم قليلًا، وانكسرَ إيْرَنْجِي ورفاقه، والتجأ أكثر من كانَ معهم من العَساكر إلى تحت أعلام أبي سَعِيد، وقالوا: كيفَ يحلّ لنا نُقاتل سُلْطاننا أو نخرج عليه لأجل أقوام خَوَارج، ودارت الدائرة على إيْرَنْجِي ورفاقه المَذْكورين، وهَرَب إيْرَنْجِي فأدركوه وقَبَضوا عليه، وتَتبَّعوا قُرْمُشي حتى أدركوهُ، وكذلك فعلوا بدُقْماق وأخيه، وحُمِلُوا جميعهم إلى المدينة السُّلْطانية، وعُمِلَ لهم يَرْغُو، أي عقد لهم مَجْلس، فقالوا كُلُّهم عن يدٍ واحدة: ما عَمِلْنا هذا الذي عَمِلْناه إلا باتِّفاق أبي سَعِيد معنا وبإذْنِه لنا في ذلك، حتى قال قُرْمُشي لجُوبان: أنا جاءني يوسُف بُكا ومُحمد هَرْزه برسالة أبي سَعِيد في حَرْبك وقبضك وقَتْلك. قال: فأحضرَ جُوبان المَذْكورين، وقال: أنتما