٢٦٩٦ - وفي يوم الخَمِيس سابع عَشَر صَفَر وصلَ البريد وأخْبَر بوفاةِ الشَّيخ الإمام العلّامة قاضي القُضاة تقيِّ الدِّين أبي الفَتْح مُحمد (١) بن عليّ بن وَهْب بن مُطيع بن أبي الطّاعة القُشَيْريِّ، المعروف بابن دَقِيق العيد.
ووَصلَت معهُ كُتُب بطلَب قاضي القُضاة بَدْر الدِّين ابن جماعة ليُولَّى عِوَضه بالدِّيار المِصْرية، فشرَعَ في التهيُّئ في السَّفر امتثالًا لأولي الأمر، فإنَّ السُّلطان كتب إليه في ذلك، وذكر فيه أننا نَخْتار قُربه، وإنَّ الآراء قد أجْمَعَت على اختياره، وأن يعودَ إلى مكانِه على ما كانَ عليه، وفيه إكرامٌ له وتَبْجيلٌ واحترامٌ وافر.
وصُلِّي على الشَّيخ تقيِّ الدِّين ابن دَقِيق العِيد بجامع دمشق صَلاة الغائب يوم الجُمُعة ثامن عَشَر الشَّهْر. وكانت وفاتُه يوم الجُمُعة الذي قبل هذا حادي عَشَر صَفَر، وصُلِّي عليه يوم السَّبْت تحت القَلْعة. وحَضَرَ نائبُ السَّلْطنة والأمراءُ والنّاس، ودُفِنَ بالقَرافة الصُّغرى.
وكانَ أجلّ مَن بَقِيَ من عُلماء المُسلمين ديانةً وعِلْمًا وتفنُّنًا ومكانةً ورِفْعةً ومَنْصِبًا، وعمَّ مُصابُه جميعَ الفِرَق والطَّوائف. وكانَ من عُلماء الحَدِيث، وباشرَ مشيخة دار الحَدِيث الكاملية مدّةً، وصَنَّف في الحَدِيث وشَرْحه والكلام عليه.
وسَمِعَ من ابن المُقَيَّر، وابن الجَمَّيْزي، وابن رَوَاج، وفَخْر القُضاة ابن الجَبّاب، وسِبْط السِّلَفيّ. ورَحَل إلى دمشقَ، وسَمِعَ من ابن عبد الدّائم، وجماعة.
(١) ترجمته في المصادر المستوعبة لعصره ومنها: ذيل العبر، ص ٢١، ومعجم شيوخ الذهبي ٢/ ٢٤٩، وتذكرة الحفاظ ٤/ ١٨٢، والمعجم المختص، ص ٢٥٠، وبرنامج الوادي آشي، ص ١٣٠، وفوات الوفيات ٣/ ٤٤٢، وأعيان العصر ٤/ ٥٧٦، والوافي بالوفيات ٤/ ١٩٣، وطبقات الشافعية للسبكي ٩/ ٢٠٧، والبداية والنهاية ١٦/ ٢٨، وذيل التقييد ١/ ١٩١، والسلوك ٢/ ٣٥٤، والمقفى الكبير ٦/ ١٩٦، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ٢/ ٢٢٩، والدرر الكامنة ٥/ ٣٤٨، والنجوم الزاهرة ٨/ ٢٠٦، وطبقات الحفاظ للسيوطي، ص ٥١٦، وشذرات الذهب ٨/ ١١، وسلم الوصول ٣/ ٢٠٤ وغيرها.