للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وكانت البَيّنة قامَت عليه قبلَ ذلك بما يُوجب قَتْله، من التَّنَقُّص بالقُرآن العزيز والرَّسول -صلى الله عليه وسلم-، وتَحْلِيل المُحَرَّمات، والاستهانة بالعُلماء، وغيرِ ذلك. وقد رُسِم بأن يُعامل بما تَقْتَضيه الشريعة. فأمرَ القاضي المالكي لوالي القاهرة الأمير ناصر الدِّين أن يَضْرب عُنُقه، فأمرَ الوالي بعضَ أعوانه فضَربه بالسَّيف، ثم تَمَّمَ حَزّ الرَّقبة بالسّكّين، وحُمِلَ الرأسُ على رُمْح، والجثّة على دابّة، وركبَ الوالي وأصحابُه حوله، والمُنادي ينادي: "هذا جَزاء من طَعَنَ في الله ورسوله"، إلى أن خَرَجوا من باب زَوِيلة، فعُلِّق هُناك، وأراحَ الله تعالى من شَرِّه.

وذُكِرَ عنه أنه كان يُباطن جماعةً من التُّرك والأُمراء ويَدْخل معهُم في كل ما يُريدون، ويُحَلِّل لبعضهم اللِّواط، ولبعضهم الخَمْر.

وذُكِرَ أنه قالَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشياء يتنقّصه بها، وأنّهُ ذُكِرَ له رجل فاضل فقال: يُصَلِّي الصَّلَوات الخَمْس ويَغْتَسِل من الجنابة؟ قيل: نعم. فقال: ما يساوي شيئًا، وأنه كان يتكلَّم في القُرآن ومُتَشابهه، ويضربُ بعضَه ببعض.

ومع هذا، فكانَ فاضلًا، ذَكيًّا، فَطِنًا، حَسَنَ الهيئة، مَلِيحَ البِزّة، وقَلّ أنْ حضرَ مع فاضلِ إلّا واستظْهَرَ عليه في البَحْث. ولما استغاثَ بالشَّيخ تقيّ الدِّين يومَ قَتْله قال: "أنا تردَّدت إليكَ أربعة أشْهُر لازمتُك فيها، هل رأيتَ مِنّي شيئًا ممّا ذَكَرَ هؤلاء"؟ فقال: ما رأيتُ منك إلّا الفَضِيلة.

٢٦١٠ - وفي يوم السَّبْت ثامن ربيع الأول تُوفِّي الشَّيخُ أبو الفَضْل موسى (١) بن البابا قاسِم بن عيسى بن مُحمد الإرْبِليُّ، ثم الكَرَكيُّ، العُمَريُّ، بالقاهرة.

رَوَى لنا عن ابن اللَّتِّيّ. قرأتُ عليه من أول "جُزء أبي الجَهْم" إلى قوله: أحاديث نافع، عن ابن عُمر.


(١) ترجمته في: تاريخ الإسلام ٢/ ٢٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>