للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيها، واجتمع بالجُزُولي وسأله عن مسألة من مقدمته. وسمع ببغداد من أبي محمد ابن الأخضر، وبحلب من الافتخار الهاشمي. وبدمشق من الكِنْدي، وقرأ عليه "كتاب سيبوية" بكماله. واشتغل ببغداد أيضًا على الشيخ أبي البَقَاء. وقرأ علم الكلام والأصلَيْن والفلسفة. وكان خبيرًا بهذه العلوم، قائمًا عليها، مقصودًا بإقرائها.

وَلِيَ مَشْيخة التُّربة العادلية التي شَرْطها القراءات والنَّحو، ودَرَّس بالعزيزية نيابة. وصنَّف شرحًا مختصرًا "للشاطبية"، وشرح "المُفصَّل" للزمخشري في عدة مجلدات وما قَصَّر فيه. وشرحًا "للجُزُولية"، وغير ذلك. وكان مليحَ الشَّكل، حَسَنَ البِزّة، إمامًا كيرًا، مَهِيبًا، مُتَفنِّنًا. وقد عزم على الرِّحلة إلى الفخر ابن الخطيب فبلغه موته. وكان له حَلْقة إشغال.

وهو كان الحَكَم بين أبي شامة والشَّمس أبي الفتح في أيهما أولى بمَشْيخة التُّربة الصّالحية، والقصّة معروفة، فرجَّح أبا الفتح بعض الشيء. وقيل: لم يُرجِّحه، بل قال: هذا رجل يدري القراءات، وقال عن أبي شامة: هذا إمامٌ. فوقعت العناية بأبي الفتح.

وقد ذكره أبو شامة في "تاريخه" وما أنصفه، فقال (١): في سابع رجب توفي العَلَم أبو محمد القاسم بن أحمد بن أبي السَّداد المغربيُّ النَّحويُّ، وكان معمَّرًا، مُشتغلًا بأنواع من العلوم على خلل في ذهنه" (٢).

وما قاله أبو شامة لم يتابعه عليه أحد، فقد ترجمه الجم الغفير وأثنوا عليه بما هو أهله من العلم والفضل وتنوع المعارف، منهم: اليونيني (٣)،


(١) ذيل الروضتين ٢٢٦ - ٢٢٧.
(٢) تاريخ الإسلام ١٥/ ٤٤ - ٤٥.
(٣) ذيل مرآة الزمان ٢/ ٢٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>