فلما ثبت عنه أنه كان يقول -وهو إمام- إذا رفع رأسه من الركوع:"سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد" ثبت أن هكذا ينبغي للإمام أن يقول ذلك، اتباعا لما قد ثبت عن رسول الله ﷺ في ذلك، فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار.
وأما من طريق النظر، فإنهم قد أجمعوا فيمن يصلي وحده على أنه يقول ذلك.
فأردنا أن ننظر في الإمام هل حكمه في ذلك حكم من يصلي وحده أم لا؟ فوجدنا الإمام يفعل في كل صلاة من التكبير والقراءة والقيام والقعود والتشهد مثل ما يفعل من يصلي وحده.
ووجدنا أحكامه فيما يطرأ عليه في صلاته كأحكام من يصلي وحده فيما يطرأ عليه في صلاته من الأشياء التي توجب فسادها وما يوجب سجود السهو فيها وغير ذلك، وكان الإمام ومن يصلي وحده في ذلك سواء بخلاف المأموم.
فلما ثبت باتفاقهم أن المصلي وحده يقول بعد قوله "سمع الله لمن حمده: ربنا ولك الحمد"، ثبت أن الإمام يقولها بعد قوله: سمع الله لمن حمده.
فهذا وجه النظر أيضا في هذا الباب فبهذا نأخذ، وهو قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله.
وأما أبو حنيفة ﵀ فكان يذهب في ذلك إلى القول الأول، والله أعلم.