وكان آخرون يذهبون (١) في ذلك إلى أن الوصية فيما ذكرنا لكل من جمعه وفلانًا الموصى لقرابته، أب واحد في الإسلام أو في الجاهلية ممن يرجع بآبائه أو بأمهاته إليه، إما عن أب، وإما عن أم إلى أن يلقاه يثبت به المواريث ويقوم به الشهادات.
فأما ما ذهب إليه أبو حنيفة ﵀، مما ذكرنا في هذا الفصل ففاسد عندنا؛ لأن رسول الله ﷺ لما قسم سهم ذوي القربى أعطى بني هاشم وبني المطلب، وأكثرهم غير ذوي أرحام محرمة.
وقد روي عن رسول الله ﷺ أنه أمر أبا طلحة أن يجعل شيئًا من ماله قد جاء به إلى النبي ﷺ لله ولرسوله فأمره رسول الله ﷺ أن يجعل في فقراء قرابته، فجعله أبو طلحة لأبي بن كعب، والحسان بن ثابت ﵄، فأما حسان فيلقاه عند أبيه الثالث، وأما أبي، فيلقاه عند أبيه السابع، وليسا بذوي أرحام منه محرمة. وجاءت بذلك الآثار، فمنها ما
٥٠٣٦ - حدثنا إبراهيم بن أبي داود، قال: ثنا أحمد بن خالد الوهبي، قال: ثنا الماجشون، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك ﵁، قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران: ٩٢] جاء أبو طلحة ورسول الله ﷺ على المنبر، قال: وكان دار أبي جعفر والدار التي تليها إلى قصر -حُدَيلة حوائط،
(١) قلت: أراد بهم: قوما من أهل الحديث، وجماعة من الظاهرية، والإمام أحمد ﵏، كما في الذيل على النخب ١٨/ ١٣١.