شيئًا فهو له بأخذه إياه، ولا يحتاج في ذلك إلى أمر الإمام، ولا إلى تمليكه كما لا يحتاج إلى ذلك منه في الماء والصيد اللذين ذكرنا.
وخالفهم في ذلك آخرون (١)، منهم أبو حنيفة ﵀، فقالوا: لا تكون الأرض للذي يحييها إلا بأمر الإمام له في ذلك وجعلها له، وقالوا: ليس فيما روي عن رسول الله ﷺ مما ذكرنا في هذا الباب، يدافع لما قلنا؛ لأن ذلك الإحياء الذي جعل به رسول الله ﷺ الأرض للتي أحياها في هذا الحديث لم يفسر لنا ما هو؟ فقد يجوز أن يكون هو ما فعل من ذلك بأمر الإمام، فيكون قوله:"من أحيا أرضًا ميتةً فهي له" أي: من أحياها على شرائط الإحياء فهي له، ومن شرائطه تحظيرها وإذن الإمام له فيها، وتمليكه إياها.
فقد يجوز أن يكون هذا هو معنى هذا الحديث، ويجوز أن يكون على ما تأوله أبو يوسف ومحمد رحمهما الله، إلا أنه لا يجوز أن يقطع على رسول الله ﷺ بالقول أنه أراد معنًى إلا بالتوقيف منه، أو بإجماع ممن بعده أنه أراد ذلك المعنى.
فنظرنا إذ لم نجد في هذا الحديث حجةً لأحد الفريقين في غيره من الأحاديث، هل فيها ما يدل على شيء من ذلك؟
٤٩٥٢ - فإذا يونس قد حدثنا، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة ﵃ قال: سمعت
(١) قلت: أراد بهم مكحولا الشامي، ومحمد بن سيرين، وابن المسيب، والنخعي ﵏، كما في النخب ١٧/ ٤٩٠.