وعلى ذلك فإنا نفسد قوله من طريق النظر وذلك إنا لو رأينا رجلًا قطع يد رجل خطأ فبرأ منها، وجبت عليه دية اليد، ولو مات منها وجبت عليه دية النفس، ولم يجب عليه في اليد شيء، ودخل ما كان يجب في اليد فيما وجب في النفس.
فصار الجاني كمن قتل وليس كمن قطع وصارت اليد لا يجب لها حكم إلا والنفس قائمة مقامها ولا يجب لها حكم إذا كانت النفس تالفةً.
فكان النظر على ذلك أن يكون كذلك إذا قطع يده عمدًا، فإن برأ فالحكم لليد وفيها القود وإن مات منها فالحكم للنفس، وفيها القصاص لا في اليد قياسًا ونظرًا على ما ذكرنا من حكم الخطأ.
ويدخل أيضًا على من يقول: إن الجاني يقتل كما قتل أن تقول: إذا رماه بسهم فقتله أن ينصب الرامي فيرميه حتى يقتله، وقد نهى رسول الله ﷺ عن صبر ذي الروح، فلا ينبغي أن يصبر أحد لنهي رسول الله ﷺ عن ذلك ولكن يقتل قتلاً لا يكون معه معه شيء من النهي.
ألا ترى أن رجلًا لو نكح رجلًا فقتله بذلك أنه لا يجب للولي أن يفعل بالقاتل كما فعل، ولكن يجب له أن يقتله لأن نكاحه إياه حرام عليه.
فكذلك صبره إياه فيما وصفنا حرام عليه، ولكن له قتله كما يقتل من حل دم بردة أو بغيرها.