قالوا: فلما أمر رسول الله ﷺ في الأمة إذا زنت أن تجلد ولم يأمر مع الجلد بنفي، وقد قال الله ﷿: ﴿فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ فاعلمنا بذلك أن ما يجب على الإماء -إذا زنين- هو نصف ما يجب على الحرائر إذا زنين. ثم ثبت أن لا نفي على الأمة إذا زنت، كان كذلك أيضا أن لا نفي على الحرة إذا زنت.
وقد روينا عن رسول الله ﷺ فيما تقدم من كتابنا هذا أنه نهى أن تسافر امرأة ثلاثة أيام إلا مع محرم، فذلك دليل أيضا أن لا تسافر المرأة ثلاثة أيام في حد الزنا بغير محرم، وفي ذلك إبطال النفي عن النساء في الزنا، فإذا انتفى أن يكون يجب على النساء اللاتي غير المحصنات نفي في الزنا انتفى ذلك أيضا عن الرجال.
وكان درء النبي ﷺ إياه عن الإماء فيما ذكرنا كان درءا عن الحرائر، وفي درئه إياه عن الحرائر دليل على درئه إياه عن الأحرار. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد ﵏.
فإن قال قائل: فإن نفي الأمة إذا زنت ستة أشهر مثل ما تنفى الحرة؟ وقال: لم ينف النبي ﷺ النفي فيما ذكرتموه عنه من جلد الأمة إذا زنت، ولا بقوله: ثم بيعوها في المرة الرابعة.
فكفى بهذا القائل المخالف جهلا إذ قد خالف كل من تقدمه من أهل العلم وخرج من أقاويلهم. فيقال له: بل فيما رويناه عن النبي ﷺ من قوله: